موسى نسي ربه هنا وذهب يطلبه في موضع آخر، والقوم إما كانوا في غاية البلادة والجلافة حيث اعتقدوا أن العجل المعمول هو إله السماء والأرض، أو كان اعتقادهم في العجل اعتقاد الحلولية، وعلى التقديرين لا وجه لإنكار ابن عبد الوهاب أن القوم أرادوا من موسى إلها خالقا مدبرا.
ثانيا: إنا لو سلمنا كون القوم على إيمانهم حين ما طلبوا من موسى ذات أنواط، لكن الكفر والشرك ليس في طلبها، ولذا لم يكفرهم موسى بل قال لهم:
إنكم قوم تجهلون وإنما الكفر والشرك يكون في عبادتها.
ومعلوم أن عبادة غير الله توجب الكفر والشرك، ولكني أين هذا ممن لا يعبد الشفيع في توسله به والاستشفاع منه؟؟
وتوهم أن ذلك عبادة لغير الله، مدفوع بخروجه عن الفهم المستقيم، كما نبهناكم عليه... بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.
وثالثا: إن جعل الشفيع والوسيلة إلى الله تعالى إذا كان من عند الله تعالى لا يضر بالإيمان الخالص بالله، ألا ترى أن الأنبياء سفراء ووسائط بين الخلق والخالق، يتوسل الناس بهم ويشد الرحال إليهم عليهم السلام شوقا وحبا وتبركا بهم، وقضاء للحاجة من الله تعالى بواسطتهم، ولا يكون ذلك من جعل الآلهة؟؟
ومثل ذلك شد الرحال إليهم عليهم السلام بعد وفاتهم لغرض الحاجة والدعاء والمسألة، أنهم يسمعون نداء من يناديهم واستغاثة من يستغيث بهم.