البراهين الجلية - السيد محمد حسن القزويني الحائري - الصفحة ٢٤
فإن المراد من الحبل في الآية هي الواسطة بين الله تعالى وبين عبادة شبهت بالحبل الرابط بين الشيئين.
فقول الوهابية: إن الواسطة ملغاة في الشريعة: يرده الكتاب والسنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أهل بيته وأصحابه بطرق صحيحة، مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجى، ومن تخلف عنها غرق وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتواتر: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا.
ومعنى التمسك بهما التوسل بهما في الشدائد، وجعلهما سببا للنجاة من الهلكة في الدنيا والآخرة.
ثم إن الجواب عما استدل به الوهابي من قوله تعالى: فلا تدعوا مع الله أحدا هو أن المنفي بالآية الدعوة مع الله، دون الدعوة من الله بواسطة الشفيع، وطلب دعائه أيضا إلى الله، حسبما ذكرنا. على أن المراد من النهي الانتهاء من جعل الشريك لله تعالى في العبادة، بقرينة قوله سبحانه: وإن المساجد لله، فالمعنى كما عن المفسرين قاطبة: إن المساجد لله، فلا تعبدوا مع الله غيره، كما في قوله تعالى:
ولا تدعوا مع الله إلها آخر وهذا يقوله كل مخلص في عبادته، ولكنه لا دخل بمسألة الاستشفاع فإن الاستشفاع نظير طلبك من المقرب عند الملك أن يشاركك في طلب مسألتك من الملك.
وأما الجواب عن الآيات الأخر: مثل قوله تعالى: لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا، وقوله تعالى: ولا يشفعون إلا لمن ارتضى فنقول:
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»