الامامة ذلك الثابت الإسلامى المقدس - الشيخ جلال الصغير - الصفحة ٢٢٠
وكذا ما رواه الثمالي (رحمه الله) عن أبي جعفر الباقر (عليهم السلام) في حديث يقول فيه ابن الكواء لأمير المؤمنين (عليه السلام): يا أمير المؤمنين (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) قال: نحن الأعراف نوقف بين الجنة والنار، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه. (1)

(١) الخرائج والجرائح: ١٧٧ ح ١٠.
وقد تركنا ذكر الكثير من الروايات التي تتحدث عن نفس المضمون.
يبقى علينا أن نشير إلى وود روايتين تتحدثان عن صورة أخرى للأعراف أوقعت بعضهم كصاحب تفسير الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (٥: ٥٧ - ٥٨) في وهم عجيب منه نتيجة لعدم التدقيق في متون الروايات ومطابقة بعضها مع البعض. ومن هاتين الروايتين ما رواه الكليني (أعلى الله مقامه) في الكافي الشريف عن محمد بن يحيى، عن أحمد ابن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، وعلي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل. جميعا عن زرارة قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام) ما تقول في أصحاب الأعراف؟ فقلت: ما هم إلا مؤمنون أو كافرون إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون، وإن دخلوا النار فهم كافرون، فقال والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين، ولو كانوا مؤمنين دخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون، ولو كانوا كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون. ولكنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم الأعمال.. إلى أن يقول معنفا بزرارة: يا زرارة أنني أقول: ما شاء الله وأنت لا تقول ما شاء الله. أما أنك إن كبرت رجعت وتحللت عنك عقدك. (الكافي ٢: ٤٠٨ ح ١).
والخبر في سنده الأول موثق لموضع ابن فضال وابن بكير، وفي الثاني ضعيف بالجهالة، ومتنه يتعارض مع ما ورد في عدد غير قليل من صاح الروايات مرة بشأن الصحاب الأعراف كما عرفت مما نقلنا أعلاه، وأخرى في طبيعة نظرة الإمام (عليهم السلام) لزرارة التي تنم عن علو شأنه وسمو مقامه عندهم (صلوات الله عليهم أجمعين)، ولا مناص عندي من تأويله، وهو حسب الظاهر إلى حمله على التقية أنسب مع فرض صحة الصدور، فمن جهة تحدث الإمام بحديث أهل العامة عن أصحاب الأعراف، إما لوجود من يخشى منه في المجس، أو لوجود من لا يحتمل هذه الأسرار، فتعود وبالا على دينه، أو يخشى منه الإذاعة.
ومن جهة أخرى نجد الحديث عن زرارة بالذم متشابه مع أحاديث الأئمة عن خلص أصحابهم كجابر بن يزيد الجعفي ومؤمن الطاق وبريد بن معاوية وابن بصير وحمران بن أعين وهشام بن الحكم وهشام بن سالم وأبان بن عثمان والمفضل ابن عمر ومحمد بن سنان وغيرهم وما كان ذلك إلا من أجل حفظهم من مطردة السلطة لأن أي مدح أنو ثناء من الإمام على أحد سيؤدي به بالنتيجة إلى النعت الشديد وهذا ما كان الإمام يبغي دفعه عنهم. ولا سبيل آخر لفهم الرواية غير ذلك فلا تفعل.
والرواية الثانية فهي ما رواها الصفار عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر (عليهم السلام) قال: سألته عن الأعراف ما هم؟ قال: هم أكرم الخلق على الله. (بصائر الدرجات: ٥٢٠ ج 10 ب 16 ح 16). والرواية وإن كانت ضعيفة بمنخل ابن جميل، غير أنها متطابقة مع ما ذكرناه أعلاه، غاية ما في الأمر أن الإمام (عليه السلام) تحديث عن السفة ترك الحديث عن الموصوف.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 222 223 224 226 227 ... » »»
الفهرست