أخرى، أو تبيينه بكلام من نزل على قلبه يقول سبحانه: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) * (1) ولم يقل " لتقرأ " بل قال: * (لتبين) * إشارة إلى أن القرآن يحتاج وراء قراءة النبي، إلى تبيينه فلو لم نقل أن جميع الآيات بحاجة إليه فلا أقل أن هناك قسما منها يحتاج إليه بأحد الطريقين: تفسير الآية بالآية، أو تفسيرها بكلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
والذي يكشف عن حاجة القرآن إلى التبيين أمور نذكر منها ما يلي:
1 - إن أسباب النزول، للآيات القرآنية، كقرائن حالية اعتمد المتكلم عليها في إلقاء كلامه بحيث لو قطع النظر عنها، وقصر إلى نفس الآية، لصارت الآية مجملة غير مفهومة، ولو ضمت إليها تكون واضحة شأن كل قرينة منفصلة عن الكلام، وإن شئت لاحظ قوله سبحانه: * (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم) * (2).
ترى أن الآية تحكي عن أشخاص ثلاثة تخلفوا عن الجهاد حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فعند ذلك يسأل الإنسان نفسه، من هؤلاء الثلاثة؟
ولماذا تخلفوا؟ ولأي سبب ضاقت الأرض والأنفس عليهم؟.
وما المراد من هذا الضيق؟ ثم ما ذا حدث حتى انقلبوا وظنوا أنه لا ملجأ من الله إلا إليه؟ إلى غير ذلك من الأسئلة المتراكمة حول الآية، لكن بالرجوع إلى أساب النزول تتخذ الآية لنفسها معنى واضحا لا إبهام فيه.
وهذا هو دور أسباب النزول في جميع الآيات، فإنه يلقي ضوءا على الآية