تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم) * (1).
وأما الثاني: فقد قال ابن هشام فيه أيضا: فلما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وصرخ جبلة بن حنبل: ألا بطل السحر اليوم... (2).
أفبعد هذا يصح أن يعد جميع الصحابة، بحجة أنهم رأوا نور النبوة، عدولا أتقياء؟
قال القرطبي في تفسيره: قد فر الناس يوم " أحد " وعفى الله عنهم وقال الله فيهم يوم حنين: * (ثم وليتم مدبرين) * ثم ذكر فرار عدة من أصحاب النبي من بعض السرايا (3).
هذه هي الأصناف العشرة من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ممن لا يمكن توصيفهم بالعدالة والتقوى، أتينا بها في هذه العجالة مضافا إلى الأصناف المضادة لها.
ولكن نلفت نظر القارئ الكريم إلى الآيات الواردة في أوائل سورة البقرة وسورة النساء وغيرها من الآيات القرآنية فيرى فيها أن الإيمان بعدالة الصحابة بأجمعهم خطأ في القول، وزلة في الرأي، يضاد نصوص الذكر الحكيم، ولم يكن الصحابة إلا كسائر الناس فيهم صالح تقي بلغ القمة في التقى والنزاهة، وفيهم طالح شقي سقط إلى هوة الشقاء والدناءة. ولكن الذي يميز الصحابة عن غيرهم أنهم رأوا نور النبوة وتشرفوا بصحبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وشاهدوا معجزاته في حلبة المباراة بأم أعينهم، ولأجل ذلك تحملوا مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام رسوله وأمام الأجيال المعاصرة لهم واللاحقة بهم، فإنهم ليسوا كسائر الناس، فزيغهم وميلهم عن الحق أشد ولا يعادل زيغ أكثر الناس وانحرافهم. وقد قال