الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٤٧
من المحدثين، ولئن كان ذلك قد يلقي مثل هذا المعنى في عين الطرف الآخر، فما هو بحقيقة المضمون، فهذا القول يستبطن محاولة استعراضية من النبي (ص) ليرهب الخصوم، فيتراجعون عن المباهلة، فهل أنه لم يكن جادا في عزمه عليها، وهل كان هذا العرض مجرد مناورة لم يكن يريد لها أن تتم؟ أم أنه عرض عليهم المباهلة بأمر من الله لإقامة الحجة عليهم، وهل في المقابل اصطحابه أخاه إلى مناظرتهم قبل المباهلة كان أيضا من هذا القبيل، أم لإقامة الحجة والشهادة؟ على أن اصطحاب النبي (صلى الله عليه وآله) لآل بيته (ع) معه لم يكن بدافع ذاتي، بل أمر إلهي، مما يفك الارتباط بين سبب الاصطحاب والدافع الذاتي في وجدان النبي (صلى الله عليه وآله)، ويجعل منه أبعد مضمونا، فما كان النبي (صلى الله عليه وآله) بحاجة إلى من يشاركه أو يباهل عنه، وما كان ليجبر أهل بيته على ذلك لمجرد أنهم أهله لو لم يكونوا معنيين بالقضية، فما ذلك إلا تكليف للمرء بما لا تكليف فيه، وتحميله تبعة دعوى لا علاقة له بها إلا لأنه يمت إلى صاحبها بالقرابة، وفيه ظلم وعبثية، تتره عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتعالى عنها الله رب العالمين، على أن الدلالة الحقيقة قد أوضحناها أعلاه، لمن يريد الحقيقة، وسيشهد آل محمد (صلى الله عليه وآله) الذين انتجبهم الله على أمثال هؤلاء وعلى الخلق أجمعين.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 249 251 252 253 254 ... » »»