والعرض هنا ليس هو الناموس، إذ ليس بين المسلمين من يخال أن ينال من عرض أهل بيت الرسالة بل المراد به العرض السياسي الذي استهدفه من آل محمد الأمويون، فكانوا يكيلون سيل التهم والافتراء ضد علي وآل محمد، على حساب المدائح لمخالفيهم من آل عثمان ومروان وطواغيت آل أبي سفيان.
فكانت مبادرة الإمام الحسين عليه السلام قطعا لأعذار المتسولين بشعرهم والمستغلين لهذا المنبر الشعبي الفاعل، في سبيل جمع الحطام الزائل، وعلى حساب تحكيم سلطة الظلمة الجائرين، فكان عطاء الحسين عليه السلام يحد من اتجاه الشعراء إلى أبواب الحكام، ويقلل من فرص استغلالهم من قبل الجائرين، كما يوصد أمام السفلة أبواب التعرض للشرفاء من معارضي السلطة وأنصارها الطغاة البغاة (1).
ويمكن أن تفسر ظاهرة رواية الشعر المنسوب إلى الأئمة عليهم السلام، على أساس من هذا المنطلق، فبالرغم من أن قول الشعر لا يليق بأولئك العلماء، القادة، السادة، الذين كانت لهم اهتمامات كبرى، ومع أن الشعر المنسوب أكثره ضعيف اللفظ والوزن، ولا وقع له في مجال اللغة والأدب فضلا عن أن يقاس بكلماتهم النثرية التي هي في قمة البلاغة والفصاحة، إلا أن من الممكن أن تصدر - لو صحت النسبة - من أجل ملئ الفراغ في دنيا الشعر، والذي انهمك فيه الشعراء بأغراض أخرى، وقلت فيها النخوة الدينية عندهم، فلا يبعد أن يكون للأئمة عليهم السلام شعر يسد بعض هذا الفراغ،