الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٨ - الصفحة ٦٨
وقد سمع مشركو مكة بعودة الذين طاردوهم ونصبوا شباكهم لاقتناص هم، وها هم الآن في قبضتهم.
كان حكم الجوار يومئذ جاريا وتقليدا عند العرب، فإذا دخل رجل مستضعف في جوار أحد من زعماء مكة، أصبح في حماه، ومنع من يعتدي عليه، ولا يهضم في حق.
ولم يكن العائدون إلى مكة من يظفر بجوار أحد من الزعماء، إلا القلة، وكان من بينهم (عثمان بن مظعون) الذي دخل في جوار (الوليد بن المغيرة) ودخل مكة آمنا مطمئنا، يسير في دروبها وأزقتها ويشهد ندواتها، لا يسام ظلما ولا ضيما.
غير أن (ابن مظعون) الذي كان حكيما في الجاهلية كما في الاسلام الذي صقله وجعل منه رجلا بعيدا عن الدنيا وما فيها زاهدا، قد ملى إيمانا من قرنه إلى قدمه، وبعيدا عن الأنانية وحب الذات، لا يرون له أن يكون في جوار، وإخوانه المستضعفون تحت سياط تعذيب طغاة قريش، بينما هو آمن في سربه بعيدا عن اضطهاد قريش وأذى قومه، فتثور روحه الحزة، ويجيش
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست