وبدا لسعيد بن العاص، أن ما انزل بولده من ضر لا يكفى ولا يردعه، فخرج به إلى رمضاء مكة، حيث وضعه بين رمالها الملتهبة وأحجارها الثقيلة ثلاثة أيام لا يوارى فيها ظل ولا يبلل شفتيه قطرة ماء، لم يرتدع خالد وبقي ثابتا على دينه.
ويئس سعيد من ولده خالد، فعاد به إلى داره، وراح يغريه ويمنيه مرة، ويرهبه أخرى، يعده ويتوعده، وخالد صامد كالطود، يقول لأبيه: " لن أدع دين محمد لشئ، وسأحيا به، وأموات عليه ".
عند ذلك صاح سعيد بابنه:
" إذن فاذهب عنى يا لكع، فواللات لأمنعنك القوت ".
وأجابه خالد: " والله خير الرازقين ".
وغادر خالد دار أبيه التي كانت تعج بالرغد، من مطعم وملبس وراحة ورخاء، إلى دار الخاصة والحرمان والتشرد.
ولكنه ما شعر بأي غضاضة أو بأس، طالما هو