ويبلغ الموكب دور بنى بياضة، ثم حي بنى ساعدة، فحي بنى الحارث بن الخزرج، فحي بنى عدى بن النجار، وكل من هؤلاء يعترض سبيل الناقة، ملحين أن يسعدهم النبي صلى الله عليه وآله بالنزول في دورهم، والنبي يجيبهم وعلى شفتيه ابتسامة كبيرة: " خلوا سبيلها، فإنها مأمورة ".
لقد ترك النبي صلى الله عليه وآله للمقادير اختيار مكان نزوله حيث سيكون لهذا المنزل خطره وجلاله، فعلى أرضه السعيدة سيؤسس المسجد والمدرسة في الإسلام الذي سينطلق منه إشعاع يضئ الدنيا بأسرها، من كلمات الله ونوره.
وإلى جواره حجرات يسكنها معلم الأجيال، ورسول الحياة، وليسعد العالم بمنهجه القويم وأخلاقه السمحة العظيمة.
نعم، ترك زمام ناقته وأرسلها، فلا يلوى عنقها، ولا يستوقف خطاها، وتوجه إلى الله بقلبه، وابتهل بلسانه، قائلا: " اللهم خر لي، واختر لي ".
وأمام دار (مالك بن النجار) ذلك المؤمن المغمور، بركت الناقة، ثم نهضت وطوفت بالمكان، ثم عادت إلى