وكلما سمع قومه يتحدثون في ناديهم عن الدين الجديد جلس إليهم وأصغى في حذر مكتوم، وبين الحين والحين يرى نفسه مدفوعا في طريق الذيوع والتأثير والإيحاء.
وكان الفتى النبيه يطوى على نفسه الخبر، ويكتم سره، فإن أباه لو علم أنه يحمل في سريرته كل هذه الحفاوة بدعوة (محمد الأمين) لأزهق روحه قربانا لآلهة قريش، وهو الذي أمعن أيما إمعان في تعذيب المؤمنين الذين آمنوا بمحمد واتبعوا دينه.
ذات ليلة يرى خالد في نومه، يعالج رؤيا شديدة الوطأة على نفسه.
رأى خالد بن سعيد في منامه أنه واقف على شفير نار عظيمة، وأبوه وراءه يدفعه نحوها بكلتا يديه، ويريد أن يطرحه فيها، ثم رأى رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل عليه، ويجذبه بيمينه المباركة من إزاره فيأخذه بعيدا عن النار واللهب، ففزع من منامه هذا وقال: أحلف بالله أن هذه الرؤيا لحق.