الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٧٠
التهمة فكثير من الجدات يكن في أعمار لا تتنافى مع توجيه التهم إليهن (1)..
وعلاء الدين محمد خوارزم شاه أدت مطامعه إلى ما أدت بما نوجزه حين نقول: إن جنگيز أرسل قافلة تجارية يقول الجويني أنها كانت تضم 450 رجلا كلهم مسلمون على رأسهم - كما يقول النسوي - عمر خواجة الأتراري والحمال المراغي وفخر الدين الديزكي البخاري وأمين الدين الهروي، كانوا يحملون على 500 جمل البضائع من الذهب والفضة والحرير الصيني وثياب الترغو وفرو القندس والسمور وغيرها من الأشياء الثمينة، ليشتروا بكل ذلك ما يكسو الجيش المغولي الذي يعده جنگيز لحربه المقبلة.
وبوصول القافلة إلى أترار حجزها ورجالها والي اترار وأخبر خوارزم شاه خبرها فأمر بقتل الرجال ومصادرة الأموال وإرسالها إليه فبادر ببيعها إلى تجار بخارى وسمرقند وقبض أثمانها، ما أدى إلى أن يغير جنگيز خان وجهة غزوه فيحوله إلى بلاد خوارزم شاه في تفصيل ذكرناها في كتابنا (المغول بين الوثنية والنصرانية والإسلام) ولا نعيدها هنا. خوارزم شاه هذا الذي برر محاولته الهجوم على بغداد بإشاعة أن الخليفة كان يحرض عليه، وربما كان هو الذي أشاع اتهام أمه بالعلاقة الآثمة بينها وبين مجد الدين البغدادي تبريرا لقتله إياه. خوارزم شاه يستسهل اتهام الناس بكل شئ تبريرا لأفاعيله، كما فعل الآن باتهام رجال القافلة التجارية بالتجسس لمصلحة جنگيز تبريرا لقتله إياهم وسلبهم الكنور التي كانوا يحملونها.
وقد استسهل ما هو أعظم من ذلك بعد الكارثة التي حلت بجيشه الزاحف إلى بغداد، ثم ما بدا بعد مذبحة اترار من تهيؤ جنگيز للانتقام وبروز هذا التهيؤ بروزا كاملا، استسهل أن يشيع اتهام الخليفة الناصر بأنه هو الذي حرض

(1) لما علمت أم محمد خوارزم شاه بما جرى على ولدها من المغول بعد ذلك، خافت على نفسها فتركت مقرها متجهة إلى الري فأصفهان فبلاد الجبل لتحتمي بها، وفي طريق الري صادفها المغول ومعها نساء ولدها وأمواله وذخائره التي يصفها المؤرخون بأنها (لم يسمع بمثلها من الأعلاق النفيسة) فقبضوا عليها وعلى من معها، وصادروا ما معها (فكان فيه ما ملأ عيونهم وقلوبهم وما لم يشاهد الناس مثله من كل غريب من المتاع ونفيس الجواهر) وأنفذوا كل ذلك إلى جنگيز خان في سمرقند.
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»