الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٠٩
كتاب " جلاء الكرب عن طربلس الغرب " وغير من المؤلفات. - وقد مر ذكر ذلك ونعيده وما بعده ليتسق الحديث.
فقلت لماذا لا تكون صفة " الحشيشية " التي أطلقت على النزاريين يقصد بها التهكم بأنهم باعة حشائش لا أصحاب دولة وعقائد؟
وكنت أتحدث بذلك أمام بعض الأصدقاء الإيرانيين فذكر أنه قرأ شيئا من هذا القبيل في كتاب يتحدث عن النزاريين ووعدني بالبحث عن الكتاب في مكتبته ثم جائني به، فإذا هو كتاب لمؤلف أوروبي هو بول آمير مترجم إلى اللغة الفارسية، ويعني اسمه ما يمكن أن نطلق عليه باللغة العربية (سيد الموت)، وإذا فيه بحث هو في صميم ما نتحدث عنه هنا فميا يتعلق بالمقصود من نسبة النزاريين إلى الحشائش، وتفضل الصديق بترجمة ما كتبه " بول آمير " ويتخلص ذلك بأن المقصود بتلك النسبة هي الصفة التي كانت تطلق في تلك العهود على من يتعاطون جمع الحشائش البرية التي تستعمل هي نفسها أدوية، أو تستقطر منها الأدوية.
وعمل النزاريون في ذلك في شكل واسع، فكان لهم في سفوح جبالهم قرى ودساكر ومزارع كان ينطلق فهيا حتى النساء والأطفال لجمع الحشائش الطبية التي كانوا يتوسعون في زراعتها ولا يقتصرون على ما تنبته الطبيعة، حتى لقد يزرعونها في حدائق البيوت.
وكان جامعوا الحشائش من الحقول والبراري يبيعون ما يجمعونه إلى أشخاص معينين متصلين بسيد الموت حيث يصدرونها إلى مختلف المدن.
ويسمي " بول آمير " محمود السجستاني أحد وكلاء سيد الموت واحدا ممن كان لهم أمر استيراد هذه الحشائش ثم تصديرها، ويذكر حوارا جرى بين السجستاني وبين من يسميه على الكرماني وهو من الموظفين عنده، يطلب إليه التنبه أن لا يخلط الحشائش الطبية بغيرها من الحشائش الرخيصة قائلا له: إذا نحن خلطنا مرة واحدة أنواعا من زهر البنفسج والسبستان والانذروت مع أخلاط نفايات الزهور وأرسلناها مرة إلى عملائنا في الري وكاشان وأصفهان وسائر المدن فلا أحد منهم يشتري منا بعد ذلك أدوية.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»