ألا هل بلغت أيها الناس؟ قالوا: نعم.
قال: اللهم اشهد.
ثم قال: أيها الناس: إحفظوا قولي تنتفعوا به بعدي، وافهموه تنعشوا. ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا، فإن فعلتم ذلك - ولتفعلن - لتجدوني في كتيبة بين جبرئيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف ثم التفت عن يمينه فسكت ساعة، ثم قال: إن شاء الله، أو علي بن أبي طالب.
ثم قال: ألا وإني قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا، ومن خالفهما فقد هلك.
ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم.
قال: اللهم اشهد.
ثم قال: ألا وإنه سيرد علي الحوض منكم رجال فيدفعون عني، فأقول: رب أصحابي؟ فيقول : يا محمد إنهم أحدثوا بعدك وغيروا سنتك، أقول: سحقا سحقا.
فلما كان آخر يوم من أيام التشريق أنزل الله: إذا جاء نصر الله والفتح، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعيت إلى نفسي، ثم نادى الصلاة جامعة في مسجد الخيف، فاجتمع الناس فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
نضر الله امرء سمع مقالتي فوعاها، وبلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، ولزم جماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم. المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم.
أيها الناس: إني تارك فيكم الثقلين. قالوا: يا رسول الله وما الثقلان؟
قال: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، كإصبعي هاتين - - وجمع بين سبابتيه - - ولا أقول كهاتين وجمع سبابته والوسطى، فتفضل هذه على هذه.