آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ١٧١
ومن تخبطهم في قصة غورث وآية التبليغ، ما تراه من الرد والبدل بين ابن حجر والقرطبي ، فقد قال القرطبي إن كون النبي وحده في القصة يدل على عدم حراسته حينذاك، وأن الآية نزلت قبلها!!
فأجابه ابن حجر: لا، فالآية نزلت يومذاك فألغى الحرس، أما قبلها فكان أحيانا يضعف إيمانه فيتخذ الحرس، وأحيانا يقوى فيلغيه، وفي قصة غورث كان بلا حراسة لقوة إيمانه يومذاك!!
قال في فتح الباري: 8 / 2752: (قوله باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر. ذكر فيه حديث جابر الماضي قبل بابين من وجهين، وهو ظاهر فيما ترجم له، وقد تقدمت الإشارة إلى مكان شرحه.
قال القرطبي: هذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان في هذا الوقت لا يحرسه أحد من الناس، بخلاف ما كان عليه في أول الأمر، فإنه كان يحرس حتى نزل قوله تعالى: والله يعصمك من الناس.
قلت: قد تقدم ذلك قبل أبواب، لكن قد قيل إن هذه القصة سبب نزول قوله تعالى: والله يعصمك من الناس، وذلك فيما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: كنا إذا نزلنا طلبنا للنبي صلى الله عليه وسلم أعظم شجرة وأظلها..
فنزل تحت شجرة، فجاء رجل فأخذ سيفه فقال: يا محمد من يمنعك مني؟ قال: الله، فأنزل الله: والله يعصمك من الناس، وهذا إسناد حسن.
فيحتمل إن كان محفوظا أن يقال: كان مخيرا في اتخاذ الحرس، فتركه مرة لقوة يقينه، فلما وقعت هذه القصة ونزلت هذه الآية، ترك ذلك!!. انتهى.
فأعجب لابن الحجر الذي لم يلتفت إلى أن الآية من سورة المائدة التي نزلت سنة عشر! وأن غزوة ذات الرقاع سنة أربع! وأن مجئ راويها أبي هريرة إلى المدينة كان سنة سبع! وغفل عن تشديد الحراسة وصلاة الخوف في ذات الرقاع! وهو مع ذلك يشرح رواية البخاري في صلاة الخوف!! وما ذلك إلا لأن ذهنه مملوء بما زرقوه فيه من ربط آية العصمة بالحراسة، لإبعادها عن بيعة الغدير!!
وأخيرا.. فقد تقدمت روايات حراسة النبي صلى الله عليه وآله في تبوك، وهي بعد غزوة
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»