إذن، فهذه القضية هي قضية ترتبط بكلا الجانبين، الجانب الإلهي الخالق المنعم الكريم الجواد المتفضل على أنبيائه، المجيب لدعائهم وندائهم، وبالجانب الإنساني العبودي، المتمثل بهؤلاء الأنبياء الذين أخلصوا لله تعالى في العبودية - أيضا - فإنه من جملة إخلاصهم وإحساسهم بالعلاقة الأكيدة مع الله تعالى، إنهم كانوا يتمنون على الله ويرجون منه ويدعونه في أن يجعل من ذرياتهم أئمة وهداة، يضمن لهم البقاء والاستمرار في عبوديتهم لله تعالى ودورهم ومهمتهم في الحياة الإنسانية.
فهذا إبراهيم عليه السلام وهو شيخ الأنبياء، عندما خاطبه الله تعالى وابتلاه بكلمات من عنده، فجعله إماما للناس (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما...)، كان أول شئ يطرحه على الله تعالى ويرجوه منه، عندما يحمله الله تعالى هذه المسؤولية، هو أن تكون هذه الإمامة في ذريته - أيضا - ﴿... قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين﴾ (1) وكذلك الحال في إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وهما يقيمان دعائم البيت (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا