أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٩٣
جماعة سموا هواهم سنة * وجماعة حمر لعمري مؤكفة قد شبهوه بخلقه وتخوفوا * شنع الورى وتستروا بالبلكفة (1) إن ما ذكره في البيت الثاني وإن كان حقا فإن القول بالرؤية لا ينفك عن التجسيم والتشبيه، والقول بأنه جسم بلا كيف أو أنه يرى بلا كيف مهزلة لا قيمة لها، لما عرفت من أن الكيفية محققة لمفهوم الرؤية بالبصر، كما أنها محققة لمفهوم اليد والرجل، فاليد بالمعنى اللغوي بلا كيفية أشبه بأسد لا رأس له ولا بطن ولا ذنب.
ولكن البيت الأول لا يناسب أدب الزمخشري الذي تربى في أحضان الإسلام والمسلمين وخالط القرآن جسمه وروحه.
ولما أثار هذا الشعر حفيظة الأشاعرة وأهل الحديث قابلوه بمثل ما قال، فقد قال أحمد بن المنير الإسكندري في حاشية على الكشاف باسم الانتصاف:
وجماعة كفروا برؤية ربهم * حقا ووعد الله ما لن يخلفه وتلقبوا عدلية قلنا أجل * عدلوا بربهم فحسبهم سفه وتلقبوا الناجين كلا إنهم * إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه إن البادي وإن كان أظلم ولكنهما كليهما خرجا عن مقتضى الأدب الإسلامي، فالمسلم ما دام له حجة على عقيدته ولم يكن مقصرا في سلوكها لا يحكم عليه بشئ من الكفر والفسق ولا العقاب ولا العذاب.
وقد نصره تاج الدين السبكي بقوله:
عجبا لقوم ظالمين تلقبوا * بالعدل ما فيهم لعمري معرفه قد جاءهم من حيث لا يدرونه * تعطيل ذات الله مع نفي الصفة

(1) الكشاف 1: 576 ط مصر، في تفسير قوله: {ولما جاء موسى لميقاتنا}.
(٦٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 688 689 690 691 692 693 694 695 696 697 698 ... » »»