أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٠٢
ولم تكن رؤية الله بأقل مما سبق في تركيزهم عليها.
فما ترى في كتب الحديث قديما وحديثا من الأخبار الكثيرة حول التجسيم، والتشبيه، والقدر السالب للاختيار والرؤية ونسبة المعاصي إلى الأنبياء، فكل ذلك من آفات المستسلمة من اليهود والنصارى. وقد عدها المسلمون حقائق ثابتة وقصصا صادقة فتلقوها بقبول حسن ونشرها السلف بين الخلف، ودام الأمر على ذلك.
وأهم العوامل التي فسحت المجال للأحبار والرهبان لنشر ما في العهدين بين المسلمين، النهي عن تدوين حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) ونشره ونقله والتحدث به طيلة أكثر من مائة سنة، فأوجد الفراغ الذي خلفه هذا العمل أرضية مناسبة لظهور بدع يهودية ونصرانية وسخافات مسيحية وأساطير يهودية، خصوصا من قبل الكهنة والرهبان.
فقد كان التحدث بحديث الرسول (صلى الله عليه وآله) أمرا مكروها، بل محظورا من قبل الخلفاء إلى عصر عمر بن عبد العزيز (61 - 101 ه‍)، بل إلى عصر المنصور العباسي (143 ه‍)، ولكن كان المجال للتحدث بالأساطير من قبل هؤلاء أمرا مسموحا به، فهذا هو تميم بن أوس الداري من رواة الأساطير، وقد أسلم سنة تسع للهجرة، وهو أول من قص بين المسلمين، واستأذن عمر أن يقص على الناس قائما، فأذن له، وكان يسكن المدينة ثم انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان (1). فسمحت الظروف لمثل هذا الكتابي أن يتحدث بما تعلم في حياته السابقة ولكن منع من أراد التحدث بحديث الرسول، لذا كان المجال خصبا لنشر الأساطير والعقائد الخرافية.
يقول الشهرستاني: وضع كثير من اليهود الذين اعتنقوا الإسلام أحاديث

(١) ابن عبد البر، الإستيعاب في هامش الإصابة، وابن حجر، الإصابة ١: ١٨٩، ابن الأثير، أسد الغابة ١:
٢١٥
، المتقي الهندي، كنز العمال ١: ٢٨١ / 29448.
(٦٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 597 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 ... » »»