العقيدة، لأن الأخذ بالنص متوقف على ثبوت أصول موضوعية مسبقة تتبنى نبوة الرسول الأكرم وحجية قوله، فما لم يثبت أن للعالم صانعا حكيما، قد بعث الأنبياء والرسل بالمعجزات والبينات لهداية الناس، لا تثبت نبوة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وحجية كلامه في مجال العقيدة، ولا يمكن أن نعتمد على النصوص وسنة الرسول في إثبات الصانع ونبوة رسوله.
وهذا هو الذي يفرض علينا أن نستجيب للعقل، باعتباره العمود الفقري للعقائد التي يبنى عليها صرح النبوة المحمدية (صلى الله عليه وآله)، ولذلك نرى أن الكتاب العزيز يثبت هذا الأصل من الأصول بدلالة العقل وإرشاده، فيستدل على أصول التوحيد بمنطق العقل، ويتكلم باسم العقل ويقول: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون} (1)، فيستدل على توحيده ونفي الآلهة المتعددة بقضية شرطية، وهي ترتب الفساد في حالة تعدد الآلهة.
ويقول سبحانه: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون} (2).
ويقول سبحانه: {قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا} (3).
فالآيات الثلاث على اختلافها في الإجمال والتفصيل تستبطن برهانا مشرقا خالدا على جبين الدهر.
ويقول سبحانه: {أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون} (4) فيعتمد على