والضياء والبهاء ما لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه كل شئ أدركه بصره، ووجه ربنا منفي عنه الهلاك والفناء، ونقول: إن لبني آدم وجوها كتب الله عليها الهلاك والفناء، ونفى عنها الجلال والإكرام، غير موصوفة بالنور والضياء والبهاء، ولو كان مجرد إثبات الوجه لله يقتضي التشبيه لكان من قال: " إن لبني آدم وجوها وللخنازير والقردة والكلاب وجوها "، قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير والقردة والكلاب. ثم قال: ولا شك أنه اعتقاد الجهمية، لأنه لو قيل له:
وجهك يشبه وجه الخنازير والقردة لغضب ولشافهه بالسوء، فعلمنا أنه لا يلزم من إثبات الوجه واليدين لله إثبات التشبيه بين الله وبين خلقه.
إلى أن قال: وأقول هذا المسكين الجاهل إنما وقع في أمثال هذه الخرافات لأنه لم يعرف حقيقة المثلين، وعلماء التوحيد حققوا الكلام في المثلين ثم فرعوا عليه الاستدلال بهذه الآية (1).
وليس ابن خزيمة أول أو آخر محدث تأثر بهذه البدع، بل كانت الفكرة تتغلغل بين أكثر أهل الحديث الذين منهم:
1 - عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد التميمي الدارمي السجستاني (280 ه) صاحب المسند وصاحب النقض، يقول فيه: إن الله فوق عرشه وسماواته.
2 - حشيش بن أصرم (253 ه) مؤلف كتاب الاستقامة، يعرفه الذهبي: بأنه يرد فيه على أهل البدع، ويريد به أهل التنزيه الذين يرفضون أخبار التشبيه.
3 - أحمد بن محمد بن الأزهر بن حريث السجستاني السجزي (312 ه) نقل الذهبي في ميزان الاعتدال عن السلمي قال: سألت الدارقطني عن الأزهري، فقال: هو أحمد بن محمد بن الأزهر بن حريث، سجستاني منكر الحديث، لكن