أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٠
الفرضية الأولى: الشيعة ويوم السقيفة ليس بخاف على أحد مدى الانعطافة الخطيرة التي حدثت في تأريخ الإسلام عقب انتهاء مؤتمر سقيفة بني ساعدة، وما ترتب عليه من نتائج وقرارات خطيرة.
والحق يقال إن هذا المؤتمر الذي ضم بين صفوفه ثلة كبيرة من وجوه الصحابة - من المهاجرين والأنصار - قد أغفل عند انعقاده الواجب الأعظم في إكرام رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاحب الفضل الأكبر فيما وصل إليه الجميع - عندما ترك مسجى بين يدي أهل بيته وانشغلوا بما كان من غير الإنصاف أن ينسب إليه (صلى الله عليه وآله) من قصور لا عذر فيه في ترك الأمة حائرة به بعد موته.
أقول: ونتيجة لانشغالهم ذاك فقد حرموا من واجب إكرام الرسول (صلى الله عليه وآله) جله، ففاتهم أعظمه، وقصروا في تأديته، وكان لأهل بيته وحدهم ذلك الدور كله، فأوفوه، ولم يألوا في ذلك جهدا.
وإذا كان المؤتمرون في السقيفة قد خرجوا إلى الملأ بقرار كان ثمرة مخاض عسير واعتراك صعب، فإنه أوضح وبلا أدنى ريب تبعثر الآراء واختلافها، بل وظروف خطرة كان من الممكن أن تودي بالجهد العظيم الذي بذله رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن معه من المؤمنين في إرساء دعائم هذا الدين وتثبيت أركانه، وأوضحت - وذاك لا خفاء عليه - أن من غير المنطقي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يرحل - مع أنه لم يفاجئه الموت - دون أن يدرك هذه الحقيقة التي ليس هو ببعيد عنها، ولا يمكن أن يتغاضى عنها، وهو الذي ما خرج في أمر جسيم إلا وخلف عنه من ينوبه في إدارة شؤون الأمة في فترة غيابه التي لا يلبث أن يعود منها بعد أيام معدودات، فكيف بالرحيل الأبدي؟!
نعم إن هذا الأمر لا بد وإن يستوقف كل ذي لب وعقل مستنير.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»