ومن المعلوم أن هذه القواعد لم تكن لتسد الحاجة الملحة، ولكن أبا الأسود قام بإكمالها وضبطها وبتمييز المنصوب من المرفوع، والاسم من الفعل، بعلامات نسميها الإعراب. فالروايات مجمعة على أن أبا الأسود (وهو شيعي المذهب توفي سنة (69 ه) إما مدون علم النحو أو واضعه، وأضحى ما دونه مصدرا لهذا العلم في العصور اللاحقة.
وهناك كلام لابن النديم دونك لفظه، يقول:
قال محمد بن إسحاق: زعم أكثر العلماء أن النحو أخذ عن أبي الأسود الدؤلي، وأن أبا الأسود أخذ ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
ثم نقل عن الطبري وقال: إنما سمي النحو نحوا لأن أبا الأسود الدؤلي قال لعلي (عليه السلام) وقد ألقى عليه شيئا من أصول النحو، قال أبو الأسود: واستأذنته أن أصنع نحو ما صنع. فسمي ذلك نحوا (1).
2 - وإذا كان أبو الأسود الدؤلي واضعا للنحو، فالخليل بن أحمد الفراهيدي هو المنقح له والباسط له. قال أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي: والخليل بن أحمد، أوحد العصر، وفريد الدهر، وجهبذ الأمة، وأستاذ أهل الفطنة، الذي لم ير نظيره، ولا عرف في الدنيا عديله، وهو الذي بسط النحو ومد أطنابه وبين علله وفتق معانيه وأوضح الحجاج فيه، حتى بلغ أقصى حدوده، وانتهى إلى أبعد غايته...
وسيوافيك أن الخليل من أصحاب الإمام الصادق ومن شيعته.
ثم إن علماء الفريقين شاركوا في إنضاج هذا العلم وإيصاله إلى القمة. وليس للمنصف بخس حق طائفة لمصالح أخرى، ولكن لما كان الهدف هو بيان دور الشيعة في تطوير العلوم وتتبعها فإنا نذكر من ألف في علم النحو من قدماء الشيعة فقط، ومنهم: