أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٤٥
إلى غير ذلك مما يوجب ازدهار الوضع الاقتصادي، فلا يصح إبعاد قوم عن تلك الساحة وتخصيص الازدهار الاقتصادي بطائفة دون أخرى، فإن الإنسان حسب الفطرة والدافع الغريزي ينساق إلى ذلك.
وأما النظم السياسية، فإن الدول الإسلامية المختلفة قد ساهمت في إرساء دعائمها وتثبيت أركانها خلال سني حكمها، ولا فرق في ذلك بين دول الشيعة منها كالحمدانيين والبويهيين والفاطميين وغيرهم كالساميين والسلاجقة وغيرهم.
وأما التقاليد الخلقية فقد كانت منبثقة من صميم الإسلام، ومأخوذة من الكتاب والسنة، كما أن التقاليد القومية للشعوب المختلفة، والتي لم تكن معارضة لمبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء فقد فسح لها الإسلام المجال ولم ينه عنها.
فلأجل ذلك نركز على الركن الرابع من هذه الأركان الأربعة للحضارة، وهو متابعة العلوم والفنون، فهي الطابع الأساسي للحضارة الإسلامية، وبها تتميز عما تقدم عليها وما تأخر، فنأتي بموجز عن دور الشيعة في بناء هذا الركن - أي ازدهار العلوم والفنون - ليظهر أنهم كانوا في الطليعة، وكان لهم الدور الأساسي في ازدهارها.
ولما كانت الحضارة الإسلامية تستمد أسباب وجودها من الكتاب والسنة، فكل من قدم خدمة للقرآن والسنة لفظا ومعنى، صورة ومادة، فقد شارك في بناء الحضارة الإسلامية. وإليك هذا البيان تأييدا لما أسلفنا:
1 - قدماء الشيعة وعلم البيان 2 - قدماء الشيعة وعلم النحو إن دراسة القرآن بين الأمة ونشر مفاهيمه يتوقف على معرفة العلوم التي تعد مفتاحا له، إذ لولا تلك العلوم لكانت الدراسة ممتنعة، ونشرها في ربوع العالم غير ميسور جدا. بل لولا هذه العلوم ونضجها لحرم جميع المسلمين حتى العرب منهم
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»