أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٥٧
وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفئ، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير " (1).
الدافع الواقعي للهجرة إلى العراق:
رغم أن الدافع الظاهري لهجرته (عليه السلام) إلى العراق كانت رسائل أهل الكوفة ورسلهم حتى أن الإمام احتج بها عندما واجه الحر بن يزيد الرياحي وعمر بن سعد عندما سألاه عن سر مجيئه إلى العراق فقال: " كتب إلي أهل مصركم هذا أن أقدم " (2). إلا أن السر الحقيقي لهجرته (عليه السلام) رغم إدراكه الواضح لما سيترتب عليها من نتائج خطرة ستودي بحياته الشريفة - وهو ما وطن نفسه (عليه السلام) عليه - يمكن إدراكه من خلال الاستقراء الشامل لمسيرة حياته، وكيفية تعامله مع مجريات الأحداث.
إن الأمر الذي لا مناص من الذهاب إليه هو إدراك الإمام (عليه السلام) ما ينتجه الإذعان والتسليم لتولي يزيد بن معاوية خلافة المسلمين رغم ما عرف عنه من تهتك ومجون وانحراف واضح عن أبسط المعايير الإسلامية، وفي هذا مؤشر خطر على عظم الانحراف الذي أصاب مفهوم الخلافة الإسلامية، وابتعادها الرهيب عن مضمونها الشرعي.
ومن هنا فكان لا بد من وقفة شجاعة تعيد للأمة جانبا من رشدها المضاع وتفكيرها المسلوب. إن الإمام الحسين (عليه السلام) قد أعلنها صراحة بقوله لما طالبه مروان بن الحكم بالبيعة ليزيد، حيث قال: " فعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمة

(1) الطبري، التاريخ 4: 304 حوادث سنة 61 ه‍، ولمعرفة ما جرى على الإمام وأهل بيته حتى نزل أرض كربلاء راجع المقاتل.
(2) الإرشاد: 224 - 228.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»