وأهل بيته قرابين طاهرة من أجل نصرة هذا الدين العظيم، مع علمه بأنه وفقا لما تحت يديه من الإمكانات المادية لن يستطيع أن يواجه دولة كبيرة تمتلك القدرات المادية الضخمة ما يمكنها من القضاء على أي ثورة فتية، نعم إن الإمام الحسين (عليه السلام) كان يدرك قطعا هذه الحقيقة، إلا أنه أراد أن يسقي بدمائه الطاهرة المقدسة شجرة الإسلام الوارفة التي يريد الأمويون اقتلاعها من جذورها.
كما أن الإمام (عليه السلام) أراد أن يكسر حاجز الخوف الذي أصاب الأمة فجعلها حائرة مترددة أمام طغيان الجبابرة وحكام الجور، وأن تصبح ثورته مدرسة تتعلم منها الأجيال معنى البطولة والتضحية من أجل المبادئ والعقائد، وكان كل ذلك بعد استشهاد الإمام (عليه السلام)، والتاريخ خير شاهد على ذلك.
كان المعروف منذ ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) أنه سيستشهد في العراق في أرض كربلاء وعرف المسلمون ذلك في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ووصيه، لذا كان الناس يترقبون حدوث تلك الفاجعة، كما أن هناك الكثير من القرائن التي تدل بوضوح على حتمية استشهاده (عليه السلام)، ومن ذلك:
1 - روى غير واحد من المحدثين عن أنس بن الحارث الذي استشهد في كربلاء أنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إن ابني هذا يقتل بأرض يقال لها كربلاء، فمن شهد ذلك منكم فلينصره " فخرج أنس بن الحارث فقتل بها مع الحسين (عليه السلام) (1).
2 - إن أهل الخبرة والسياسة في عصر الإمام كانوا متفقين على أن الخروج إلى العراق يكون خطرا كبيرا على حياة الإمام (عليه السلام) وأهل بيته، ولأجل ذلك أخلصوا له النصيحة، وأصروا عليه عدم الخروج، ويتمثل ذلك في كلام أخيه محمد بن الحنفية، وابن عمه ابن عباس، ونساء بني عبد المطلب، ومع ذلك اعتذر لهم الإمام