براع مثل يزيد " كما عرفت سابقا.
نعم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، وإذا فسدا فسدت أمتي، قيل: يا رسول الله ومن هما؟ فقال: الفقهاء والأمراء " (1)، فإذا كان صلاح الأمة وفسادها رهن صلاح الخلافة وفسادها، فقيادة مثل يزيد لا تزيد الأمر إلا عيثا وفسادا.
إن القيادة الإسلامية بين التنصيص والشورى، ولم يملك يزيد السلطة لا بتنصيص من الله سبحانه ولا بشورى من الأمة، وهذا ما أدركه المسلمون آنذاك حيث كتبوا إلى الحسين (عليه السلام) رسالة جاء فيها: أما بعد فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها وغصبها فيئها وتأمر عليها بغير رضى منها، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها (2).
ولم يكن الولد (يزيد) فريدا في غصب حق الأمة، بل سبقه والده معاوية إلى ذلك كما هو معروف، وليس بخاف على أحد، وإلى تلك الحقيقة المرة يشير الإمام علي (عليه السلام) في كتاب له إلى معاوية، حيث يقول:
" فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عيان الأمور، فقد سلكت مدارج أسلافك بادعائك الأباطيل واقتحامك غرور المين والأكاذيب، وبانتحالك ما قد علا عنك، وابتزازك لما قد اختزن دونك فرارا من الحق وجحودا لما هو ألزم لك من لحمك ودمك مما قد وعاه سمعك، وملئ به صدرك، فماذا بعد الحق إلا الضلال المبين " (3).
هذا ونظائره المذكورة في التاريخ ما دفع الحسين إلى الثورة، وتقديم نفسه