أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٥٢
الأموية المنحرفة، والتي قد تؤلف خطرا جديا على وجودها غير المشروع، ولقد كان هم هذه السلطة هو الإمام الحسين (عليه السلام) لما يعرفونه عنه من موقف لا يلين ولا يهادن في الحق، ومن هنا فقد كتب مروان بن الحكم - وكان عامل معاوية على المدينة -: إن رجالا من أهل العراق ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي وأنه لا يأمن وثوبه، ولقد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد الخلاف يومه هذا، ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده.
ولما بلغ الكتاب إلى معاوية كتب رسالة إلى الحسين وهذا نصها:
أما بعد، فقد انتهت إلي أمور عنك إن كانت حقا فإني أرغب بك عنها، ولعمر الله إن من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء، وإن أحق الناس بالوفاء من كان في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله لها... (1).
ولما وصل الكتاب إلى الحسين بن علي، كتب إليه رسالة مفصلة ذكر فيها جرائمه ونقضه ميثاقه وعهده، نقتبس منها ما يلي:
" ألست قاتل حجر بن عدي أخا كندة وأصحابه المصلين، العابدين، الذين ينكرون الظلم، ويستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ولا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة، ولا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم، جرأة على الله واستخفافا بعهده؟
أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله، العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه واصفر لونه، فقتلته بعد ما أمنته وأعطيته العهود ما لو فهمته العصم لنزلت من شعف الجبال (2).

(1) الإمامة والسياسة 1: 163.
(2) أي قممها وأعاليها.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»