أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١١٥
فإن في مقدور كل معلم أن يرسم مصير الطفل ومستقبله من خلال ما يلقي إليه من تعليمات وتوصيات وما يعطيه من سيرة وسلوك ومن آراء وأفكار، فكم من بيئة حولت أفرادا صالحين إلى فاسدين، أو فاسدين إلى صالحين.
وإن تأثير هذين العاملين المهمين من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى المزيد من البيان والتوضيح. على أننا يجب أن لا ننسى دور إرادة الإنسان نفسه وراء هذه العوامل الثلاثة.
مكونات شخصية الإمام علي (عليه السلام) لم يكن الإمام علي (عليه السلام) بصفته بشرا بمستثنى من هذه القاعدة، فقد ورث الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) جانبا كبيرا من شخصيته النفسية والروحية والأخلاقية من هذه العوامل والطرق الثلاثة، وإليك تفصيل ذلك:
1 - الإمام علي (عليه السلام) والوراثة من الأبوين:
لقد انحدر الإمام علي من صلب والد عظيم الشأن، رفيع الشخصية هو أبو طالب، ولقد كان أبو طالب زعيم مكة، وسيد البطحاء، ورئيس بني هاشم، وهو إلى جانب ذلك، كان معروفا بالسماحة والبذل والجود والعطاء والعطف والمحبة والفداء والتضحية في سبيل الهدف المقدس، والعقيدة التوحيدية المباركة.
فهو الذي تكفل رسول الله منذ توفي جده وكفيله الأول عبد المطلب وهو آنذاك في الثامنة من عمره، وتولى العناية به والقيام بشؤونه، وحفظه وحراسته في السفر والحضر، بإخلاص كبير واندفاع وحرص لا نظير لهما، بل وبقي يدافع عن رسالة التوحيد، والدين الحق الذي جاء به النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) ويقوم في سبيل إرساء قواعده ونشر تعاليمه بكل تضحية وفداء، ويتحمل لتحقيق هذه الأهداف العليا كل تعب
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»