أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١١١
بني إسرائيل، لقوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} (1).
3 - أن هذه الروايات افترضت لهم البقاء ما بقي الدين الإسلامي أو حتى تقوم الساعة كما هو مقتضى رواية مسلم: " إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة " وأصرح من ذلك روايته الأخرى في نفس الباب: " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان ".
إذا صحت هذه الاستفادة فهي لا تلتئم إلا مع مبنى الإمامية في عدد الأئمة وبقائهم وكونهم من المنصوص عليهم من قبله (صلى الله عليه وآله) وهي منسجمة جدا مع حديث الثقلين وبقاؤهما حتى يردا عليه الحوض.
وصحة هذه الاستفادة موقوفة على أن يكون المراد من بقاء الأمر فيهم بقاء الإمامة والخلافة بالاستحقاق لا بالسلطة الظاهرية، لأن الخليفة الشرعي خليفة يستمد سلطته من الله، وهي في حدود السلطة التشريعية لا التكوينية، لأن هذا النوع من السلطة هو الذي تقتضيه وظيفته باعتباره مشرعا، ولا ينافي ذلك ذهاب السلطة منهم في واقعها الخارجي وتسلط الآخرين عليهم، على أن الروايات تبقى بلا تفسير لو تخلينا عن حملها على هذا المعنى، لبداهة أن السلطة الظاهرية قد تولاها من قريش أضعاف أضعاف هذا العدد، فضلا عن انقراض دولهم وعدم النص على أحد منهم - أمويين وعباسيين - باتفاق المسلمين.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الروايات كانت مأثورة في بعض الصحاح والمسانيد قبل أن يكتمل عدد الأئمة، فلا تحتمل أن تكون من الموضوعات بعد اكتمال العدد المذكور، على أن جميع رواتها من أهل السنة ومن الموثوقين لديهم، ولعل حيرة كثير من العلماء في توجيه هذه الأحاديث، ومحاولة ملائمتها للواقع

(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»