لم يفرق بين معنى التناسخ وبين المعاد الجسماني، والرجعة من نوع المعاد الجسماني، فإن معنى التناسخ هو انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الأول، وليس كذلك معنى المعاد الجسماني، فإن معناه رجوع نفس البدن الأول بمشخصاته النفسية فكذلك الرجعة.
وإذا كانت الرجعة تناسخا فإن إحياء الموتى على يد عيسى عليه السلام كان تناسخا، وإذا كانت الرجعة تناسخا كان البعث والمعاد الجسماني تناسخا.
إذن، لم يبق إلا أن يناقش في الرجعة من جهتين (الأولى) أنها مستحيلة الوقوع (الثانية) كذب الأحاديث الواردة فيها. وعلى تقدير صحة المناقشتين فإنه لا يعتبر الاعتقاد بها بهذه الدرجة من الشناعة التي هو لها خصوم الشيعة. وكم من معتقدات لباقي طوائف المسلمين هي من الأمور المستحيلة أو التي لم يثبت فيها نص صحيح، ولكنها لم توجب تكفيرا وخروجا عن الإسلام، ولذلك أمثلة كثيرة: منها الاعتقاد بجواز سهو النبي أو عصيانه، ومنها الاعتقاد بقدم القرآن. ومنها القول بالوعيد، ومنها الاعتقاد بأن النبي لم ينص على خليفة من بعده.
على أن هاتين المناقشتين لا أساس لهما من الصحة، أما أن الرجعة مستحيلة فقد قلنا أنها من نوع البعث والمعاد الجسماني غير أنها بعث موقوت في الدنيا، والدليل على إمكان البعث دليل على إمكانها. ولا سبب لاستغرابها إلا أنها أمر غير معهود لنا فيما ألفناه في حياتنا الدنيا، ولا نعرف من أسبابها أو موانعها ما يقربها إلى اعترافنا أو يبعدها وخيال الانسان لا يسهل عليه أن يتقبل تصديق ما لم يألفه، وذلك كمن