أن تأخذ بحقها من الدفاع والكفاح، ولكن مصلحة الإسلام العليا كانت عنده فوق جميع هذه الاعتبارات. وأما الحسين الشهيد عليه السلام فلئن نهض فلأنه رأى من بني أمية إن دامت الحال لهم ولم يقف في وجههم من يكشف سوء نياتهم، سيمحون ذكر الإسلام ويطيحون بمجده، فأراد أن يثبت للتاريخ جورهم وعدوانهم ويفضح ما كانوا يبيتونه لشريعة الرسول، وكان ما أراد. ولولا نهضته المباركة لذهب الإسلام في خبر كان يتلهى بذكره التاريخ كأنه دين باطل، وحرص الشيعة على تجديد ذكراه بشتى أساليبهم إنما هو لإتمام رسالة نهضته في مكافحة الظلم والجور ولإحياء أمره امتثالا لأوامر الأئمة من بعده.
وينجلي لنا حرص آل البيت عليهم السلام على بقاء عز الإسلام وإن كان ذو السلطة من ألد أعدائهم، في موقف الإمام زين العابدين عليه السلام من ملوك بني أمية، وهو الموتور لهم، والمنتهكة في عهدهم حرمته وحرمه، والمحزون على ما صنعوا مع أبيه وأهل بيته في واقعة كربلا، فإنه - مع كل ذلك - كان يدعو في سره لجيوش المسلمين بالنصر وللاسلام بالعز وللمسلمين بالدعة والسلامة، وقد تقدم أنه كان سلاحه الوحيد في نشر المعرفة هو الدعاء، فعلم شيعته كيف يدعون للجيوش الإسلامية والمسلمين، كدعائه المعروف ب (دعاء أهل الثغور) الذي يقول فيه: (اللهم صل على محمد وآل محمد، وكثر عددهم، واشحذ أسلحتهم، واحرس حوزتهم، وامنع حومتهم، وألف جمعهم ودبر أمرهم، وواتر بين ميرهم، وتوحد بكفاية مؤنهم، واعضدهم بالنصر، وأعنهم بالصبر، والطف لهم في المكر) إلى أن يقول - بعد