إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ٢ - الصفحة ٦
وحكى لي ولده هذا أنه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه (عليه السلام) حتى أنه جاء إلى بغداد وأقام بها في فصل الشتاء وكان كل يوم يزور سامراء ويعود إلى بغداد، فزارها في تلك السنة أربعين مرة طمعا أن يعود به الوقت الذي مضى، أو يقضى له الحظ مما قضى ومن الذي أعطاه دهره الرضا أو ساعده بمطالبة صرف القضا، فمات، بحسرته وانتقل إلى الآخرة بغصته والله يتولاه وإيانا برحمته بمنه وكرمه (1).
الحكاية الثالثة: في البحار عن السيد علي بن عبد الحميد صاحب كتاب الأنوار المضيئة في كتاب السلطان المفرج عن أهل الإيمان عند ذكر من رأى القائم (عليه السلام) قال: فمن ذلك ما اشتهر وذاع وملأ البقاع وشهده بالعيان أبناء الزمان وهو قصة أبي راجح الحمامي بالحلة، وقد حكى ذلك جماعة من الأعيان الأماثل وأهل الصدق والأفاضل منهم الشيخ الزاهد شمس الدين محمد بن قارون، كان الحاكم بالحلة شخصا يدعى مرجان الصغير، فرفع إليه أن أبا راجح الحمامي بالحلة يسب الصحابة، فأحضره وأمر بضربه فضرب ضربا شديدا مهلكا على جميع بدنه، حتى أنه ضرب على وجهه، فسقطت ثناياه وأخرج لسانه فجعل فيه مسلة من الحديد، وخرق أنفه وجعل فيه شركة من الشعر، وشد فيها حبلا وسلمه إلى جماعة من أصحابه وأمرهم أن يدوروا به في أزقة الحلة، والضرب يأخذ من جميع جوانبه حتى سقط إلى الأرض وعاين الهلاك. فأخبر الحاكم بذلك فأمر بقتله. فقال الحاضرون: إنه شيخ كبير وقد حصل له ما يكفيه وهو ميت لما به فاتركه وهو يموت حتف أنفه ولا تتقلد بدمه وبالغوا حتى أمر بتخليته وقد انتفخ وجهه ولسانه، فنقله أهله في هذه الحالة ولم يشك أحد أنه يموت من ليلته، فلما كان من الغد غدا عليه الناس فإذا هو قائم يصلي على أتم حالة وقد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت واندملت جراحاته ولم يبق لها أثر والشجة قد زالت من وجهه، فعجب الناس من حاله وسألوه عن أمره فقال: إني لما عاينت الموت ولم يبق لي لسان أسأل الله تعالى به فكنت أسأله بقلبي واستغثت إلى سيدي ومولاي صاحب الزمان، فلما جن علي الليل فإذا بالدار قد امتلأت نورا وإذا بمولاي

١ - كشف الغمة: ٣ / 300 ط. دار الأضواء بيروت.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»