في كتاب الله لنبأتكم بما في السماوات والأرض وما في قعر هذا فما يخفى علي منه شئ ولا تعزب كلمة منه وما أوحي إلي بل هو علم علمنيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لقد أسر لي ألف مسألة في كل مسألة ألف باب وفي كل باب ألف نوع، فاسألوني قبل أن تفقدوني، اسألوني عما دون العرش أخبركم ولولا أن يقول قائلكم: إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ساحر كما قيل في ابن عمي، لأخبرتكم بمواضع أحلامكم وبما في غوامض الخزائن (المسائل) ولأخبرتكم بما في قرار الأرض (1).
وهذه هي خطبته التي خطب وهي خطبة البيان:
" بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السماوات وفاطرها وساطح المدحيات وقادرها ومؤيد الجبال وساغرها (2) ومفجر العيون وباقرها ومرسل الرياح وزاجرها وناهي القواصف وآمرها ومزين السماء وزاهرها ومدبر الأفلاك ومسيرها ومظهر البدور ونائرها ومسخر السحاب وماطرها ومقسم المنازل ومقدرها [و] مدلج الحنادس (3) وعاكرها ومحدث الأجسام وقاهرها ومنشئ السحاب ومسخرها ومكور الدهور ومكررها ومورد الأمور ومصدرها وضامن الأرزاق ومدبرها ومنشئ الرفات (4) ومنشرها. أحمده على آلائه وتوافرها وأشكره على نعمائه وتواترها وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يؤدي الإسلام ذاكرها ويؤمن من العذاب يوم الحساب ذاخرها، وأشهد أن محمدا عبده الخاتم لما سبق من الرسالة وفاخرها ورسوله الفاتح لما استقبل من الدعوة وناشرها أرسله إلى أمة قد شغل بعبادة الأوثان سايرها (5) واغتلطس بضلالة دعاة الصلبان ماهرها وفخر بعمل الشيطان فاخرها وهداها عن لسان قول العصيان طائرها وألم بزخرف الجهالات والضلالات سوء ماكرها فأبلغ رسول الله في النصيحة وساحرها ومحا بالقرآن دعوة الشيطان ودامرها وأرغم معاطس (6) جهال العرب وأكابرها حتى أصبحت دعوته بالحق ينطق ثامرها (7) واستقامت به دعوة العليا وطابت عناصرها، أيها الناس سار المثل وحقق العمل وكثر الوجل وقرب الأجل