الأسود احتطب يوما ثم جلس ليستريح، فضرب بنفسه شقه الأيسر فنام سبع سنين، ثم هب من نومته وهو لا يرى إلا أنه نام ساعة من نهار فاحتمل حزمته فأتى القرية فباع حطبه، ثم أتى الحفرة فلم يجد النبي فيها، وقد كان بدا للقوم فيه فأخرجوه، فكان يسأل عن الأسود فيقولون: لا ندري أين هو، فضرب به المثل لمن نام طويلا (1).
وهذه الحكاية جواب لاستبعاداتهم بقاء الحجة في طول الزمان، لأن بقاء أسود سبع سنين بلا ماء ولا طعام في الشمس والمطر وساير الحوادث في معبر الدواب والحيوانات، أعجب من بقاء من يأكل ويشرب ويسير كما هو مذهب الإمامية، وأعجب من هذا أيضا خفاء هذا الأسود على أهالي تلك القرية في تلك المدة مع أنه نام في مكان مخصوص، كيف يمكن عدم عبور أحد في تلك المدة من ذلك المكان وما احتاجوا إلى الحطب، وأعجب من هذا نوم أصحاب الكهف ثلاثمائة وتسع سنين فافهم وتأمل.
يستدلون مخالفونا (2) على بقاء عيسى بالآيات والأخبار ولا يستبعدون، وينكرون بقاء المهدي (عج). ومن أعجب العجب أنهم يروون أن عيسى ابن مريم مر بأرض كربلاء فرأى عدة من الظباء هناك مجتمعة فأقبلت إليه وهي تبكي، وأنه جلس وجلس الحواريون فبكى وبكى الحواريون وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى فقالوا: يا روح الله وكلمته ما يبكيك؟
قال (عليه السلام): أتعلمون أي أرض هذه؟ قالوا: لا، قال: هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد وفرخ الخيرة الطاهرة البتول شبيهة أمي، ويلحد فيها وهي أطيب من المسك لأنها طينة الفرخ المستشهد، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء، وهذه الظباء كلمتني وتقول إنها ترعى في هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك، وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض، ثم ضرب بيده إلى بعر تلك الظباء فشمها وقال: اللهم أبقها أبدا حتى يشمها أبوه (عليه السلام) فتكون له عزاء وسلوة، وإنها بقيت إلى أيام أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى شمها وبكى وأبكى وأخبر بقصتها لما مر بكربلاء (3).
فهم يصدقون بأن بعر تلك الظباء تبقى زيادة على خمسمائة سنة، لم تغيرها الأمطار