إذا لاقيت ربك يوم حشر * فقل يا رب مزقني الوليد (1) وأذن للصبح مرة وعنده جارية يشرب الخمر معها فقام فوطأها وحلف لا يصلي بالناس غيرها فخرجت وهي جنب سكرانة، فلبست ثيابه وتنكرت وصلت بالناس. ونكح أمهات أولاد أبيه انتهى (2).
إلى غير ذلك من شنايع الأعمال المذكورة في التواريخ، ومع ذلك كيف يكون من الخلفاء الذين كان الدين في زمنهم عزيزا منيفا، وبمدتهم وهلاك آخرهم في سنة ست وعشرين ومائة صار الإسلام ذليلا والدين مهينا ووقع الهرج والفتن، مع أنه خلاف الحس والوجدان، فإن قوة الدين وعزه بعز حملته ونقلته وسدنته وكثرتهم، وعز من يرعاهم ويحرسهم ويعينهم.
ولا شك أن في دولة بني العباس إلى أن يرجع الأمر إلى سلاطين آل عثمان حماة الدين وحفظة الإسلام ملء الآفاق من العلماء والفقهاء والمحدثين والأدباء والقراء الجامعين للسنن والحافظين للقرآن، المؤلفين في العلوم الشرعية والمعالم الدينة بما لا يحصى عده، وهم مع ذلك فارغو البال من هموم تهيئة أمور المعاش باهتمام ولاة الأمور في إصلاح شؤونهم ويدخلنهم شيعتهم، لا هتك بيت الله الحرام في عصرهم، ولا صلت الجنب السكرانة بالناس في مسجد دار خلافتهم، ولا مزق المصحف من نشاب خليفتهم، فأي عز كان في عصر بني أمية فقد بعدهم، وأي ذل ورد على الدين الحنيف بعدهم أفظع وأشنع مما فعلوا. ومن جميع ذلك يظهر أن ما ورد في الأخبار النبوية الشريفة من ذكر الخلفاء الاثني عشر بمعزل عما ذكروا ورجحوا وصححوا.
الوجه العاشر: ظاهر جملة من الأخبار وصريح بعضها أن بانقضاء الثاني عشر منهم ينقضي أمر الدين وتظهر علامات الساعة، وتقوم أشراط القيامة ويصير الهرج وينخرم نظام الأمور. فلا آمر ولا مأمور ولا إمام ولا مأموم: (عن أنس) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يزال هذا الدين قائما إلى اثني عشر من قريش فإذا مضوا ساخت الأرض بأهلها (3).