إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
ساعات، فكانت مصالح العالم مفتقرة إلى ما هو بهذا العدد، وكانت مصالح الأنام مفتقرة إلى الأئمة وإرشادها، فجعل عددهم كعدد أجزاء كل واحد من جزئي الزمان للافتقار إليه كما تقدم.
الوجه الخامس: أن نور الإمامة يهدي القلوب والعقول إلى سلوك طريق الحق، ويوضح لها المقاصد في سلوك سبيل النجاة كما يهدي نور الشمس والقمر أبصار الخلايق إلى سلوك الطرق، ويوضح لهم المناهج السهلة ليسلكوها، والمسالك الوعرة ليتركوها، فهما نوران هاديان: أحدهما يهدي البصائر وهو نور الإمامة والآخر يهدي الأبصار وهو نور الشمس والقمر، ولكل واحد من هذين النورين محال يتناقلها، فمحل ذلك النور الهادي الأبصار البروج الاثنا عشر التي أولها الحمل وآخرها المنتهى إليه الحوت، فينقل من واحد إلى آخر، فيكون محال النور الثاني الهادي للبصاير وهو نور الإمامة منحصرا في اثني عشر أيضا.
لطيفة: قد ورد في الحديث النبوي أن الأرض بما عليها محمولة على الحوت (1).
وفي هذا إشارة لطيفة وحكمة شريفة وهو أن محال ذلك النور لما كان آخرها الحوت، والحوت حامل لأثقال هذا الوجود وقصر العالم في الدنيا، فآخر محال هذا النور وهو نور الإمامة أيضا حال انتقال مصالح أديانهم، وهو المهدي (عج) (2).
الوجه السادس: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الأئمة من قريش (3). فلا يجوز أن تكون الإمامة في غير قرشي وإن كان عربيا، والذي عليه محققو علماء النسب أن كل من ولده النضر بن كنانة، فهو قرشي، فمرد كل قرشي إلى النضر بن كنانة، والنضر هو دوحة متفرع صفة الشرف عليها، وتنبعث منها وترجع إليها، وهذه القبيلة الشريفة كمل شرفها وعظم قدرها واشتهر ذكرها، واستحقت التقدم على بقية القبائل وسائر البطون من العرب وغيرها برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنسب قريش انحدر من النضر بن كنانة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرسول الله في الشرف بمنزلة مركز الدائرة بالنسبة إلى محيطها، فمنه يرقى الشرف.
فإذا فرضت الشرف خطا متصاعدا متراقيا متصلا إلى المحيط، مركبا من نقط هي آباؤه أبا

١ - الصحيفة الصادقية: ٢٣٢، والاحتجاج: ٢ / ١٠٠.
٢ - هذا الكلام للعلامة الحلي في العدد القوية: ٧٩ ذيل حديث ١٣٧.
٣ - المحاسن للبرقي: ١ / ٥٦ ح ٨٧ والكافي: ٨ / 343 ح 541.
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»