ويخاف من تبليغه مع كمال شدته (ص) وإقدامه على المكاره وهو مصداق (لا تأخذه في الله لومة لائم)، وأي تكليف بقي ورسول الله (ص) يتوانى في تبليغه حتى تنزل هذه الآية التي ظاهرها العتاب على عدم المسارعة في التبليغ.
لا يقال إن عصمة النبي (ص) تنافي عدم تبليغ كل حكم نزل به الأمين عليه ومن جملة الأحكام إمارة حضرة الأمير (ع) فلو كان مأمورا بها لبلغ ذلك عند الأمر، فظاهر الآية غير مستقيم على المذهبين ولا بد من التصرف فيها على حد غيرها من المتشابه.
لأنا نقول فرق واضح بين تبليغ سائر الأحكام وتبليغ الإمامة في المسارعة والتواني إذ الإمامة يقتضي التواني في تبليغها من جهة نفرة قلوب المنافقين وعدم ميلهم وقبولهم لذلك، ولأجل ذلك توانى النبي (ص) ولم يسارع في هذا الحكم برجاء إنهم يقبلونه حيث لم يصدر بفورية الأمر بفورية التبليغ والله سبحانه يعلم بما تكن صدور أصحاب النبي (ص) من النفاق، ويعلم بما وقع في نفس رسول الله (ص) من انتظار الوقت المناسب لتبليغ هذا الحكم، فلذلك خاطبه بهذا الخطاب واللبيب من نفس الآية ينتقل إلى إن حضرت الرسالة يريد تبليغ هذا الحكم لكنه يمنعه عن الإعلان به خوف الفتنة وأذية المنافقين، وينتظر وقتا يصلح له إلى أن حج حجة الوداع فتضيق الوقت بحيث لا يمكن التأخير، والمسلمون مع رؤسائهم كانوا في ذلك النادي مجتمعون من كل فج عميق، لهذا ورد الأمر الفوري به أن بلغ