ملاحظة شأن النزول الذي ربما تنكره أهل السنة لو ادعيناه، ولا يصغى إلى إن الآية نزلت في خلال أحكام بعض الفروع من حلية بعض المآكل والمشارب وحرمتها كحلية بهيمة الأنعام غير محلى الصيد، وكحرمة الميتة والدم ولحم الخنزير، وبعد الآية قوله تعالى (فمن اضطر في مخمصة)، فكيف تصرف إلى الأصول؟ لأن ورودها في سياق تلك الأحكام لا يقضي باختصاصها بها، وإن ظهر ذلك منها لكن بعد قيام القرينة العقلية ينتفي ذلك الظهور مضافا إلى وقوع مثل ذلك في الكتاب المجيد فإن آية التطهير نزلت في خصوص رجال أهل البيت أو في الأعم منهم والإناث مع وقوعها تلو مخاطبات أزواج النبي (ص)، وأمثالها في الفرقان العظيم فوق حد الإحصاء مع إن ذلك فن من فنون البلاغة وشعبة من شعوبها.
الآية الثالثة: آية التبليغ: - وهي قوله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك (وهذه الآية نزلت في حق الإمام علي (ع)، وعقد ولايته بإجماع الشيعة وجماعة من أهل السنة، ودلالتها على المقصود غير محتاج إلى الاستعانة بشأن النزول والتفاسير بل صريحها إن الله تعالى أمر نبيه (ص) بتبليغ حكم في تبليغه خوف وخطر من الناس عليه، ولم يكن في الفروع حكم في تبليغه خطر وخوف، فإن أشق التكاليف على نوع البشر خصوصا العصاة منهم الجهاد وترك المال وبذل النفوس، وقد وردت الأوامر المؤكدة بذلك في الزكاة والكفارات والجهاد والحدود والحج وغيرها، وبعدها أي حكم من الأحكام الفرعية يخشى النبي (ص)