رسالة في الإمامة - الشيخ عباس ( نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار الفقاهة ) - الصفحة ٨٣
بأسرها وصلت إلى النبي (ص) وهو علمها لأوصيائه، وهم بلغوها تدريجيا كما بلغها النبي (ص)، ومعلوم إن هذا المقدار من تشريع الأحكام وإنزالها لا يكفي في إكمال الدين وإتمام النعمة، لأن جعلها وتبليغها الرسول مع عدم إطلاع الأمة عليها كلا لا يصدق معه إتمام الدين، وإن كان الله يعلم بوجودها في العالم. نعم لا نضايق في إنها بالنسبة إلى النبي (ص) وأوصيائه كاملة، وإما في حق الأمة مع جهلها ببعضها فلا، والإكمال والإتمام لا يتصور فينبغي بل يلزم حينئذ إفراد الضمير في (لكم وعليكم).
وإن قالوا إن الخطاب بضمير الجمع مع جهل الأمة ببعض الأحكام لا ضرر فيه نظر إلى وجوب الاجتهاد في الحوادث التي لم يعلم حكمها، فمعه بانضمام الأحكام المفصلة النازلة يتحقق إكمال الدين في حق الأمة.
فردهم أولا: إن وجوب الاجتهاد في الوقائع لم يرد فيه نص على مذهب أهل السنة، وإنما ثبت عندهم بدليل العقل وفعل النبي (ص) والصحابة فلم يكن لوجوبه يوم معين ورد فيه الأمر بوجوبه حتى تكون اللام في (اليوم) إشارة إليه.
وثانيا: إن إيجاب الاجتهاد على القول به مخصوص ببعض أفراد الأمة لا جميعها لعدم إمكان ذلك في حق الجميع فيتبعض الإكمال بل ظاهر الإكمال أن يكون بالفعل لا بالقوة فهو لا يتم حتى في حق البعض القابل للاجتهاد، فالآية الشريفة بملاحظة ما ذكرنا وبقرينة العقل والاعتبار الصحيح تفصح وتقضي بعقد عهد الإمامة والخلافة لواحد من الأمة، وذلك الواحد هو الأمير (ع) دون غيره، فلا يحتاج إلى
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»