يختص بزمان الخلفاء ولا يشمل الأعصار اللاحقة حتى يقال بانحصاره بالأئمة على مذهب الإمامية، لأن إثبات الانحصار متفرع على شمول الخطاب للمعدومين والشمول ممنوع.
لأنا نقول أولا: لو كان الأمر كذلك للزم أن تختص إطاعة الله والرسول بالحاضرين أيضا وفساده واضح.
وثانيا: إن إطاعة أولي الأمر من الأحكام التي لا تقبل الاختصاص بزمن الحضور للإجماع القطعي بأن الإمام الواجب الإطاعة لازم الوجود أبدا، وعليه فيلزم إما أن يعينه الله تعالى، أو يأمر الأمة بتعيينه، والثاني باطل لاتفاق المسلمين على عدم صدور الأمر من الله بذلك. نعم ذهب أهل السنة إلى إن الله تعالى أمر بإطاعة الإمام الذي عينته الأمة، وهذا بمجرده لا يقضي بوجوب تعيين الإمام من جانب الحق تعالى شأنه، وإن زعموا أن وجوب التعيين من الأمور الواضحة - لأنه مقدمة وجوب العمل بالأحكام الشرعية - فلا يحتاج إلى الأمر، بل يكفي فيه الأمر بالأحكام، فعدم الأمر به اتكالا على وضوح وجوبه، لأن فائدة الأمر الأعلام بالوجوب وهو حاصل فلا حاجة إليه.
فالجواب عنه أن وجوب تعيين الإمام على الأمة ليس بواضح، وعسى إن وجوبه كذلك غير معلوم فضلا عن أن يكون ضروريا وبديهيا. وادعاء أن وجوبه من باب المقدمة أول الكلام، لأن العمل بالواجبات والمحرمات على مذهب أهل السنة من الكتاب والسنة حاصل بدون وجود السلطان المتصرف بالأمور التي تحتاج إلى أمير من السياسات وغيرها، وكون هذه الأشياء تحتاج إلى أمير فيجب على الأمة نصبه ممنوع، بأن الاحتياج بمجردة لا يوجب النصب على الأمة، ولا دليل على وجوبه على الأمة غيره بزعمهم كما حققنا ذلك في الأصول.