رسالة في الإمامة - الشيخ عباس ( نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار الفقاهة ) - الصفحة ٦٩
(ثانيها): إن من عينته الأمة منها للإمارة لابد وأن يكون غير معصوم، إذ تعيين الأمة وتنصيبهم له لا يجعله معصوما بالضرورة، ومتى كان كذلك يمكن في حقه أن ينهمك في المعاصي ويتوغل في الظلم والجور، ويخطأ في الأحكام وحينئذ فإن بقي وجوب إطاعته على الأمة بعد ذلك فوا سوئتاه، وإن وجب عليهم عزله ونصب غيره جاء الهرج والمرج وعساهم لا يمكنهم ذلك لكثرة من تعلق به من شياطين الأنس، ومتى عجزوا وقعوا في المهلكة العظمى والبلية الكبرى، وذكر بعض المؤرخين أنه جاءوا بسارق إلى الرشيد بمحضر الإمام علي الرضا (ع)، فأمر الرشيد بحده فقال له: إن من وجب عليه الحد لا يحد، وقد وجب عليك من حدود الله تعالى الكثير، فالتفت الرشيد إلى الرضا وقال له: ما تقول في رده، فقال (ع): إن قوله موافق لدليل فيحتاج رده إليه.
(ثالثها): أنه قد لا يحصل الاتفاق من الجميع على واحد بأن يختلفون في فردين، كما أنه قد يحصل الاتفاق على واحد متهتك لا يصلح للإمامة، فإن كلاهما ممكن وفي ذلك تمام الفساد وعدم الصلاح، والعجب من علماء أهل السنة إنهم يتحملون في دفع هذه المحاذير ويستندون إلى ما لا يسمن ولا يغني، فأي ضرورة ألجأتهم إلى اختيار هذا حتى احتاروا في دفع ما يلزم منه، وقد ينسبون إلى الهذيان في رد مثل هذه المحاذير بالساقط عن درجة الاعتبار، والإمامية في راحة من ذلك لاشتراطهم العصمة في الإمام، وقولهم بأن العلم بها من خصائص الله تعالى لامتناع علم الناس بأحوالهم المستقبلة فضلا عن أحوال سواهم، وحينئذ بناء على ثبوت المقدمتين يجب على الله تعالى أن يعين
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»