الله تعالى ورسوله، فيتعين وجوب نصبه على الله ورسوله. فهنا دعويان: - (الأولى): وجوب كون الإمام معصوما، وإن غير المعصوم يجوز عليه الخطأ والمعصية، ويلزم الأمة من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ردع المرتكب لذلك، فالشخص الذي تجب عليه سماع قول الأمة والأمة يلزمهم ردعه كيف يكون حاكما عليهم وقاهرا لهم، ويجب عليهم امتثال أمره ونهيه، فإنه قد يكون مستحقا للتعزير أو للحد أو للقتل وإطاعة مثل هذا الشخص من أقبح الأشياء وأفضحها، ولما نظر بعض علماء أهل السنة إلى بشاعة هذا الأمر تخلصوا منه بأن الإمام إمام ما دام مطيعا لله تعالى، ومتى خالف تعزله الأمة ويعينون غيره، وهذا التخلص من دفع الفاسد بالأفسد لأداء ذلك إلى اختلال النظام ولزوم الهرج والمرج وتشويش أمر الأمة كما وقع ذلك في أمر خلافة بني العباس، ويلزمه تسلط الرعية على ولي الأمر مع اختلاف مذاهب الناس وميلهم.
ولو عورض هذا الدليل باستقرار أمر الأمة في خلافة الخليفتين وغيرهما من بعض السلاطين المتصرفين في الرعية بتنصيبهم لهم، لأجبنا عن ذلك بقلته أولا. وبأن الاستقرار للخوف من سيوفهم، ولو وجدوا فرصة لعزلوه ثانيا. وبأنا لم نحكم بعدم إمكان الاستقرار أو بامتناعه أو عدم وقعه ثالثا، وإنما حكمنا بأن والي أمر الأمة وسلطان الدين لا يليق به أن يكون منصوبا لهم، ولهم الولاية عليه في العزل والنصب لوجوه: - (أولها): إن الغرض من وجود السلطان إزالة الفساد واستراحة العباد، فإذا كان تعيينه بأمر الأمة نافى ذلك الغرض، بل كان ذلك عين الفساد وعدم الصلاح.