رسالة في الإمامة - الشيخ عباس ( نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار الفقاهة ) - الصفحة ١٣٧
تصرفه بالاستقلال كان أرفع لشأنه لأن النبي أشرف من الإمام، بل لو لم يتصرف أبدا لا نقص في ذلك عليه ويكون حاله حال أوصياء عيسى لما عزلوا في نبوة نبينا (ص).
وأجاب عن ذلك بعض علماءنا المتبحرين إن مناط الآية ثبوت منصب التصرف في الأمة لهارون وهو أعم من أن يكون بالاستقلال أو لجهة الاستخلاف، وثبوت هذا المنصب يستلزم خلافته ورياسته على الأمة لو بقي بعد أخيه وحينئذ هذا المنصب على عمومه بعد موت موسى (ع) لأخيه هارون ثابت ولو كان على جهة الاستقلال، وهو عين مفاد الآية ومقتضى حديث المنزلة بثبوت مثل هذا المنصب لعلي (ع)، لكن حيث إن النبي خاتم الأنبياء بالبديهة فلا بد من تحقق المنصب المذكور في ضمن الخلافة وإلا لا تكون منزلة علي مثل منزلة هارون، والحال إن الحديث صريح بالمماثلة.
أقول هذا الجواب غير مرضي عندي في رد الفخر الرازي، لأن مفاد الآية بملاحظة موت هارون قبل موسى (ع) هو الشركة في النبوة لا الاستقلال في التصرف، والمشاركة المزبورة ثبتت لعلي من حيث استخلافه على المدينة في الغزوة المرقومة فمن أين ثبت له الاستقلال؟ والحال إنه لم يثبت لهارون.
فلتحقيق في الجواب: - إن وجه الشبه هو الشركة في النبوة والتصرف في أمر الأمة لا كيفية الشركة، ومن البين إنه لا يلزم في الشركة اجتماع حقوق المشاركين في زمان واحد، بل يختلف الزمان باختلاف موارد الشركة وأسبابها، فقد تجتمع في زمان واحد ولازم ذلك في الأملاك الإشاعة مثل اجتماع حقوق الوارث في التركة، وفي التصرفات نفوذ
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 » »»