ما في الباب أن يكون الحديث نظير التراب بمنزلة الماء وغيرها، ومن الموارد المذكور فيها المنزلة بلا تعقب الاستثناء، ومن المحقق في الأصول ثبوت عموم المنزلة إن لم يكن اللفظ منصرفا إلى بعض الأفراد لظهوره أو لقرائن أخرى لفظية أو غيرها بحيث تمنع العموم الحكمي بالنسبة إلى الفرد غير ظاهر، ومن المعلوم إن التصرف في أمور الأمة إما أن يكون مسلوبا لباقي شؤون هارون، أو إنه أظهر أفراد شؤونه وخواصه فالتصرف المذكور لا بد وأن يكون مرادا على فرض العموم وعدمه. سلمنا عدم عموم المنزلة والقول بإجمال تنزيل شئ مقام شئ في العموم والخصوص لكن الآية (واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، أشدد به أزري، وأشركه في أمري (عن لسان كليم الله ظاهرة في إرادة الاشتراك في النبوة وتبليغ الرسالة، والتصرف في أمور الأمة، وغير هذه المناصب لم يكن مذكورا في الآية الشريفة مما هو من شؤون هارون وأوصافه كي يكون في تنزيل على منزلته ناظرا إلى تلك الصفة وحينئذ لا يراد من التنزيل في الحديث إلا المشاركة في أمر النبوة.
ومنها إن الفخر الرازي نقل في أربعينه إن التنزيل منزلة هارون لا يقضي الزيادة على هارون إذ غاية ما يدل عليه إن الأمير (ع) كهارون، ومعلوم إن الثابت لهارون هو الشركة في النبوة والخلافة في حياة موسى (ع) لأنه مات قبله ومن أين يعلم إن هارون لو لم يمت وبقى خلف موسى كان وصيه وخليفته بعده، فعسى أن يكون له الاستقلال في النبوة، ولربما نسخ شريعة موسى ولا نقص على هارون إذا لم يتصرف في أمور الأمة بعد أخيه من جهة الاستخلاف، بل إذا كان