عاد إلى ذكر علي (عليه السلام) فقال: أما والذي ذهب بنفسه ما أكل من الدنيا حراما قليلا ولا كثيرا حتى فارقها، ولا عرض له أمران كلاهما طاعة إلا أخذ بأشدهما على بدنه، ولا نزلت برسول الله (صلى الله عليه وآله) شديدة قط إلا وجهه فيها ثقة به، ولا أطاق أحد من هذه الأمة عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعده غيره، ولقد كان يعمل عمل رجل كأنه ينظر إلى الجنة والنار، ولقد أعتق ألف مملوك من صلب ماله، كل ذلك تحفى فيه يداه ويعرق فيه جبينه التماس وجه الله عز وجل والخلاص من النار، وما كان قوته إلا الخل والزيت، وحلواه التمر إذا وجده، وملبوسه الكرابيس، فإذا فضل من ثيابه شئ دعا بالجلم (1) فجزه " (2).
الثالث عشر: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن مرازم بن حكيم عن عبد الأعلى مولى سام قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يروون أن لك مالا كثيرا فقال: " ما يسوؤني ذاك، إن أمير المؤمنين (عليه السلام) مر ذات يوم على أناس شتى من قريش وعليه قميص مخرق فقالوا: أصبح علي لا مال له، فسمعها أمير المؤمنين (عليه السلام) فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره ولا يبعث إلى إنسان شئ، وأن يوفره ثم قال له: بعه الأول فالأول، واجعلها دراهم ثم اجعلها حيث تجعل التمر فاكبسه معه حيث لا يرى، وقال للذي يقوم عليه: إذا دعوت بالتمر فاصعد وانظر المال فاضربه برجلك كأنك لا تعمد الدراهم حتى تنشرها، ثم بعث إلى رجل منهم يدعوه ثم دعا بالتمر، فلما صعد ينزل التمر ضرب برجله فانتشر الدراهم فقال: ما هذا يا أبا الحسن؟
فقال: هذا مال من لا مال له، ثم أمر بذلك المال فقال: انظروا أهل كل بيت كنت أبعث إليهم، فانظروا حاله وابعثوا إليه " (3).
الرابع عشر: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن الحسن بن علي عن ربعي بن عبد الله قال: سمعت أبا عبد الله يقول: " كان علي (عليه السلام) لينقطع ركابه في طريق مكة فيشده بخوصة ليهون الحج على نفسه " (4).
الخامس عشر: الشيخ المفيد في إرشاده قال: أخبرني أبو محمد الأنصاري قال: حدثني محمد ابن ميمون البزاز قال: حدثنا الحسين بن علوان عن علي بن زياد بن رستم عن سعيد بن كلثوم قال: