فجعلت أنظر فدعاني إلى طعامه فلما فرغ قال: " يا محمد لعلك ترى أن رسول الله ما رأته عين يأكل وهو متكي من أن بعثه الله إلى أن قبضه، ثم رد على نفسه فقال: لا والله ما رأته عين يأكل وهو متكئ منذ أن بعثه إلى أن قبضه ثم قال: يا محمد لعلك ترى أنه شبع من خبز البر ثلاثة أيام متوالية منذ بعثه الله تعالى إلى أن قبضه، أما إني لا أقول كان لا يجد، لقد كان يجيز الرجل الواحد بالمائة من الإبل، فلو أراد أن يأكل أكل، ولقد أتاه جبرائيل (عليه السلام) بمفاتيح خزائن الأرض ثلاث مرات يخيره من غير أن ينقصه الله تبارك وتعالى ما أعد له يوم القيامة شيئا، فيختار التواضع لربه جل وعز، وما سئل شيئا قط فيقول: لا، إن كان أعطي وإن لم يكن قال يكون، وما أعطى على الله شيئا قط إلا سلم ذلك إليه حتى إن كان ليعطي الرجل الجنة فيسلم الله ذلك له.
ثم تناولني بيده وقال: وإن كان صاحبكم ليجلس جلسة العبد ويأكل أكلة العبد ويطعم الناس خبز البر واللحم ويرجع إلى أهله، فيأكل الخبز والزيت وإن كان ليشتري القميص السنبلاني، ثم يخير غلامه خيرهما، ثم يلبس الباقي فإذا جاز أصابعه قطعه وإذا جاز كعبه حذقه (1)، وما ورد عليه أمران قط كلاهما لله رضا إلا أخذ بأشدهما على بدنه، ولقد ولى الناس خمس سنين فما وضع آجرة على آجرة ولا لبنة على لبنة، ولا أقطع قطعة ولا أورث بيضاء ولا حمراء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع لأهله بها خادما، ولا أطاق أحد عمله، وإن كان علي بن الحسين (عليه السلام) لينظر في كتاب من كتب علي (عليه السلام) فيضرب به الأرض ويقول: من طبق هذا؟ " (2).
الحادي عشر: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال: أخبرنا محمد ابن وهبان عن أحمد بن محمد بن زكريا عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن عقبة عن سعيد ابن عمر والجعفي عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) ذات يوم وهو يأكل متكئا، وقد كان يبلغنا أن ذلك يكره، وساق الحديث إلى آخره كما تقدم إلا أن في رواية الشيخ، وأنه كان ليشتري القميص السنبلاني ثم يخير غلامه (3).
الثاني عشر: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن الحسن الصيقل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن ولي علي (عليه السلام) لا يأكل إلا الحلال لأن صاحبه كذلك، وإن ولي عثمان لا يبالي أحلالا أكل أو حراما لأن صاحبه كذلك، ثم