فقال له هشام: أفيجوز أن يقول له هذا القول وهو عنده في الباطن غير مؤمن؟
قال: لا.
فقال له هشام: فقد صح لعلي (عليه السلام) ظاهره وباطنه ولم يصح لصاحبك لا ظاهر ولا باطن (1).
الخامس والخمسون: محمد بن يعقوب عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي بن عكاية التميمي عن الحسين بن النضر الفهري عن أبي عمرو الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة له (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى اسمه امتحن بي عباده وقتل بي أضداده وأفنى بسيفي جحاده وجعلني زلفة للمؤمنين وحياض موت على الجبارين وسيفه على المجرمين، وشد بي أزر رسوله وأكرمني بنصره وشرفني بعلمه وحباني بأحكامه واختصني بوصيته واصطفاني بخلافته في أمته فقال (صلى الله عليه وآله) وقد حشده المهاجرون والأنصار وانفضت بهم المحافل: أيها الناس إن علي مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول إذ عرفوه أني لست بأخيه لأبيه وأمه كما كان هارون أخا لموسى لأبيه، ولا كنت نبيا فاقتضي نبوة ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون (عليه السلام) حيث يقول: * (أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) *.
وقوله حين تكلمت طائفة فقالت: نحن موالي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إلى حجة الوداع ثم صار إلى غدير خم فأمر فأصلح له شبه المنبر ثم علاه وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعا صوته قائلا في محفله، من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وكانت على ولايتي ولاية الله وعلى عداوتي عداوة الله وأنزل الله عز وجل في ذلك * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) *، فكانت ولايتي كمال الدين ورضى الرب جل ذكره، فأنزل تبارك وتعالى اختصاصا لي وتكرما نحلنيه وإعظاما وتفضلا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) منحنيه وهو قوله: * (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين) * في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع وطال لها الاستماع ولئن تقمصها دوني الأشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة، فلبئس ما عليها وردا ولبئس ما لأنفسهما، فهذا يتلاعنان في دورهما ويبرء كل منهما من صاحبه، يقول لقرينه: إذا التقيا * (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين) * فيجيبه الأشقى على رثوثة: يا ليتني لم أتخذك * (خليلا لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا) *، فأنا الذكر الذي عنه ضل والسبيل الذي عنه