يا أنجم الحق أعلام الهدى فينا لا يقبل الله إلا في محبتكم أعمال عبد ولا يرضى له دينا بل أخفف أعباء الذنوب بكم بل أثقل في الحشر الموازينا من لم يوالكم في الله لم ير من فيح اللظى وعذاب القبر شكينا قال المصنف رفع الله درجته وأما حال ولادته فإنه ولد يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة ولم يولد فيها أحد سواه قبله ولا بعده وكان عمر النبي (ص) ثلاثين سنة فأحبه ورباه وكان يطهره وقت غسله ويوجره اللبن عند شربه ويحرك مهده عند نومه ويناغيه في يقظته ويحمله على صدره ويقول هذا أخي ووليي وناصري وصفيي و ذخري وكهفي وصهري وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي وكان يحمله دائما ويطوف به جبال مكة وشعابها وأوديتها رواه صاحب كتاب بشاير المصطفى من الجمهور انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول المشهور بين الشيعة أن أمير المؤمنين ولد في الكعبة ولم يصححه علماء التواريخ بل عند أهل التواريخ أن حكيم بن حزام ولد في الكعبة ولم يولد فيه غيره وأما ما ذكره من أحوال النبي (ص) بالنسبة إليه في صغره فلا يصح به نقل إلا ما ذكره ولا رد عليه لا في قوله وخليفتي إن أريد به الخلافة بعده وإن أريد أنه من الخلفاء فهذا صحيح لا شك فيه انتهى وأقول حكمه بعدم التصحيح سقيم بعد ما روى المصنف ذلك عن صاحب كتاب بشاير المصطفى وهو رواه عن زيد بن قغب ورواه ابن المغازلي مرفوعا إلى علي بن الحسين (ع) على ما نقله صاحب كشف الغمة وكفى برواية مثلهما من أهل السنة حجة لنا عليهم كما مر وجهه مرارا وأيضا كما صرح به الراوي الفضيلة والكرامة إن في باب الكعبة كان مقفلا ولما ظهر آثار وضع الحمل على فاطمة بنت أسد (رض) عند الطواف خارج الكعبة انفتح لها الباب بإذن الله تعالى وهتف لها هاتف بالدخول وعلى تقدير صحة تولد حكيم بن حزام قبل الإسلام في وسط بيت الله الحرام فإنما كان بحسب الاتفاق كما يتفق سقوط الطفل عن المرأة والعجل عن البقرة في الطريق وغيره على أن الكلام في تشرف الكعبة بولادته فيها لأن في تشرفه بولادته في الكعبة فإنه (ع) هو الكعبة الحقيقية لأهل الانتباه وقبلة أقبال المقبلين إلى الله كما روى عنه (ع) أنه قال نحن كعبة الله ونحن قبلة الله وقال ابن حماد (ره) شعر هو القبلة الوسطى ترى الوفد حولها لها حرم الله المهيمن والحل وآيته الكبرى وحجته التي أقيمت على من كان منا له عقل وقال المولى العارف لطف الله النيشابوري (رحمه الله تعالى) نظم طواف خانه كعبة ازان شد بر همه واجب كه انجا در وجود آمد علي بن أبي طالب وأما ما ذكره من الترديد في قوله (ص) خليفتي فمردود بأن إرادة خلافته بعد النبي بفاصلة خلاف الظاهر والأصل فلا يعدل عنه إلا لدليل ووجوده كالعنقاء على ما لا يخفى قال المصنف رفع الله درجته وأما بعد ولادته وأقسامها ثلاثة نفسانية وبدنية وخارجية أما النفسانية فيضمها مطالب الأول الإيمان وبواسطة سيفه تمهدت قواعده وتشيدت أركانه وبواسطة تعليمه الناس حصل لهم الإيمان أصوله وفروعه لم يشرك بالله طرفة عين ويم يسجد لصنم بل هو الذي كسر الأصنام لما صعد على كتف النبي (ص) وهو أول الناس إسلاما روى أحمد بن حنبل من عدة طرق أنه أول من أسلم وأول من صلى مع النبي (ص) وفي مسنده أن النبي (ص) قال لفاطمة أما ترضين أني أزوجك بأقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما وحديث الدار يدل عليه أيضا وقال الناصب خفضه الله أقول ما ذكر أن عليا أول الناس إسلاما فهذا أمر مختلف فيه وأكثر العلماء على أن أول الناس إسلاما هو خديجة وقال بعضهم أبو بكر وقال بعضهم زيد بن حارثة وحاكم بعضهم فقال أول الناس إسلاما من الرجال أبو بكر ومن الصبيان علي ومن النساء خديجة ومن العبيد زيد بن حارثة وقد حققنا هذا في تلخيص كتاب كشف الغمة انتهى وأقول لا يخفى أن الناصب أغمض عن أكثر الفضايل الذي عدها المصنف في هذا المقام لعدم إمكان منعه ذلك وإثبات نظير لها في شأن خلفاء الثلاثة وما ذكره من الاختلاف في سبق إسلام علي (ع) خلف نشأ من تعصب بعض أخلاف أجلاف أهل السنة فلا يعارض اتفاق جماعة من أسلاف الطرفين وأخلافهم والمحاكمة تحكم حاوله من أراد تمويه حال أبي بكر وترويج شأنه ويدفع كل ما ذكره الشارح الجديد للتجريد عند قول المصنف المحقق قدس سره وأقدمهم إيمانا من غير تعقبه بشئ من المناقشة حيث قال يدل على ذلك ما روى عن النبي (ص) قال بعث يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء ولا أقرب من هذه المدة وقوله (ع) إنه كان يقول أنا أول من صلى وأنا أول من آمن بالله ورسوله ولا يسبقني إلى الصلاة إلا نبي الله وكان قوله مشهورا بين الصحابة ولم ينكر عليه منكر فدل على صدقه وإذا ثبت أنه أقدم إيمانا كان أفضل منهم لقوله تعالى والسابقون السابقون أولئك المقربون وروى أنه قال (ع) يوما على المنبر بمشهد من الصحابة أنا الصديق الأكبر آمنت قبل إيمان أبي بكر وأسلمت قبل أن أسلم ولم ينكر عليه منكر فيكون أفضل من أبي بكر انتهى وقال القاضي الأرموي الشافعي في كتاب لباب الأربعين أن سبق إسلام علي (ع) أقرب إلى العقل لأنه كان ابن عم النبي (ص) في داره مختصا به فالأقرب عرض هذه المهمات العظيمة على الأقارب المختصين به ولذلك قال تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين انتهى وقال ابن الصلاح في النوع التاسع والثلاثون من كتابه في أصول الحديث قال الحاكم أبي عبد الله لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن علي بن أبي طالب (ع) أولهم إسلاما واستنكر هذا من الحاكم انتهى وقال ابن حجر في صواعقه صح عن سعد بن أبي وقاص أنه أسلم قبل أبي بكر أكثر من خمسة انتهى ولنعم ما قال أبو سعيد النيلي (ره) في جملة قصيدة له في مدح أمير المؤمنين (ع) شعر ذاك الذي لولاه ما اتضحت لنا سبل الهدى في غوره وسناقه عبد الإله وغيره من جهله ما زال منعكفا على أصنامه قال المصنف رفع الله درجته المطلب الثاني العلم والناس كلهم بلا خلاف عيال علي (ع) في المعارف الحقيقية والعلوم اليقينية والأحكام الشرعية والقضايا النقلية لأنه (ع) كان في غاية الذكاء والحرص على التعلم وملازمته لرسول الله (ص) وهو أشفق الناس عليه لا ينفك عنه ليلا ولا نهارا فيكون بالضرورة أعلم من غيره وقال رسول الله (ص) في حقه أقضاكم علي والقضاء يستلزم العلم والدين وروى الترمذي في صحيحه أن رسول الله (ص)
(١٩٨)