الأمم بصورة القردة والخنازير ومسخ من أهل بخارا بصورة الحمار فقد سمعت عن كثير من فضلا حنفية الهند أن صاحب تفسير المدارك وكشف المنار في أصول فقه الحنفية والكافي وكنز الدقايق وشرح العقيدة الحافظية من علماء بخارا قد مسخ وجهه إلى وجه الحمار وكان يتنقبه لأجل ذلك وكانوا ينقلون في سبب ذلك قصة طويلة لا يحضرني الآن وتفصيلا من فتواه في مسألة الرضاع كما ذكره صاحب الكفاية في شرح الهداية فقه الخفيفة حيث قال وإذا شرب صبيان من لبن شاة فلا رضاع بينهما لأنه لا حرمة بين الآدمي والبهايم لأن الحرمة لا يكون إلا بعد الآدمية والبهيمة لا يتصور أن يكون أما للآدمي ولادا فكذا رضاعا وكان محمد بن إسماعيل صاحب الحديث يقول يثبت به حرمة الرضاع وأنه دخل في بخارى في زمن الشيخ أبي حفص الكبير وجعل يفتي فقال له الشيخ لا تفعل فقست هنالك فأبى أن يقبل نصيحته حتى استفتى عن هذه المسألة إذا رضع صبيان بلبن شاة فأفتى بثبوت الحرمة فاجتمعوا وأخرجوه من بخارا بسبب هذه الفتوى انتهى ومن أغلاط البخاري ما ذكر في باب الأنساب من الغاية للسخاوي الشافعي في شرح الهداية المنظومة للشيخ محمد بن الجزري الشافعي أن أبا مسعود عقبة بن عمرو البدري لم ينسب كذلك لشهوده بدرا في قول الجمهور وإن عده البخاري في صحيحه فيمن شهدها وإنما كان نازلا يعني ساكنا بها فقد وقع لكبار أهل الحديث من ذلك أوهام انتهى ولا يخفى أن مثل هذا الغلط مع أنه باطل في نفسه يقود إلى غيره من الباطل العظم فإن البخاري إذا توهم أن أبا مسعود شهد بدرا وقد تقرر عند القوم أن أهل بدر كلهم عادلين فيعد جميع رواياته من الصحيح وهذا بلا عظيم كما ترى ولقد ظهر مما نقلناه أن رياسة البخاري وتصدره على السامع والقارئ إنما كان تصدرا بلا استحقاق وترؤسا بشؤم الاتفاق من أهل النفاق وأما مسلم بن الحجاج القشيري فيعلم حماقته أولا من تحقيق حال طائفته فإنهم من قشور العرب وأرذلهم كما ينبئ عنه اسمهم ولهذا قد انحرفوا عن علي بن أبي طالب (ع) وانضموا إلى معاوية وكانوا ناصبية مبغضين لعلي (ع) وشيعته لا يطيقون لذكره (ع) فيما بينهم حتى أنهم جادلوا في ذلك أبا الأسود الديلي (ره) حين ما ابتلى بالنزول في جوارهم بالبصرة وقالوا له حتى متى تقول من علي فأجابهم بقوله شعر يقول الأرذلون بنو قشير طوال الدهر لا تنسى عليا أحب محمدا حبا شديدا وعباسا وحمزة والوصيا هوى أعطيته منذ استدارت رحى الإسلام لم يعدل هويا أحبهم كحب الله حتى أجئ إذا بعثت على هويا فإن يك حبهم رشدا أصبته ولم أك مخطيا إن كان غيا قالوا له شككت قال فقد شك الله تعالى حيث قال إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين أي أن الترديد والتشكيك قد يكون للإبهام على المخاطب لا للشك الحاصل للمتكلم وأيضا روى أنه قال لهم ذات يوم أنه ليس في العرب طائفة تكون طول بقائهم أحب إلي من طول بقائكم قالوا لم ذلك قال لأجل أن كل أمر أنتم ارتكبتموه علمت أنه محض ضلال وخطأ فاجتنبته وكل أمر أنتم اجتنبتم عنه علمت أنه عين الرشد والصواب فارتكبته وأيضا قد اشتمل هذان الكتابان وأمثالهما على روايات أبي هريرة وابن عمر وأنس وأمثالهم من الصحابة المتهمين بالكذب والفسق اللذين رد أبو حنيفة أخبارهم ولم يعمل بها قط كما صرح به أمام الحرمين أبو المعالي الجويني الشافعي في رسالته المؤلفة في تفضيل مذهب الشافعي أما أبو هريرة فقد ذكر فخر الدين الرازي في مسألة النصرية رسالته المعمولة مذهب الشافعي أيضا أن الحنفية طعنوا في أبي هريرة وقالوا إنه كان مساهلا في الرواية وروى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث السادس والستين بعد المائة في المتفق عليه في مسند أبي هريرة عن أبي رزين قال خرج إلينا أبو هريرة فضرب بيده على جبهته وقال ألا إنكم تحدثون على أني أكذب على رسول الله (ص) الخبر وروى في مسند عبد الله بن عمر في الحديث الرابع والعشرين بعد المائة من المتفق عليه أن رسول الله (ص) أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب غنم أو ماشية فقيل لابن عمر أن أبا هريرة يقول أو كلب زرع فقال ابن عمر إن لأبي هريرة زرعا وروى في الحديث الستين بعد المائة من المتفق عليه في مسند أبي هريرة يروي عن النبي (ص) من تبع جنازة فله قيراط من الأجر فقال ابن عمر لقد أكثر علينا أبو هريرة وأما عبد الله بن عمر فهو الذي لم يحسن أن يطلق امرأته والذي قعد عن بيعة أمير المؤمنين (ع) ثم جاء بعد ذلك إلى الحجاج فطرته ليلا وقال هات يدك أبايعك لأمير المؤمنين عبد الملك فإني سمعت رسول الله يقول من مات وليس عليه بيعة إمام فموتته جاهلية فأنكر عليه الحجاج مع كفره وعتوه وقال له بالأمس تقعد عن بيعة علي بن أبي طالب (ع) وأنت اليوم تأتيني تسئلني البيعة من عبد الملك بن مروان يدي عنك مشغولة لكن هذه رجلي وقد روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين من تلزمه بيعة يزيد بن معاوية ما يتعجب منه العاقل فما كان علي بن أبي طالب وولده (ع) أو أحد من بني هاشم يجرون مجرى يزيد في أن يبايعه أن هذا من الطرايف وأما أنس بن مالك فهو الذي استشهده علي بن أبي طالب (ع) في كل شئ كان قد سمعه من النبي (ص) في فضايل علي (ع) فلم يشهد فدعا عليه فأصابه برص وقس على ذلك ما ذكر فيهما من رواية المغيرة بن شعبة الذي شهد عليه بالزنا عند عمر بن الخطاب ولقن الرابع حتى تلجلج في الشهادة فدفع عنه الحد وكذا رواية أبي موسى الأشعري مقيم الفتنة مضل الأمة الذي أخبر النبي (ص) أنه إمام الفرقة المرتدة وكذا أخبار كعب الأحبار الذي قام إليه أبو ذر فضربه بين يدي عثمان على رأسه بمحجنه وقال له يا بن اليهودية مثلك يتكلم في الدين فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك وكذا عبد الله بن عمرو العاصي الباغي الداعي إلى النار وهو الذي كان في حرب صفين مع معاوية جعله على ميسرته وكان لشدة عناده يقاتل بسيفين ويضرب بهما عليا (ع) وأصحابه كما ذكره سبط الجوزي وغيره ومع هذا هو زاهد القوم وراوي شطر من أحاديثهم وكان من حجته في البغي أنه قال أمرني رسول الله (ص) أن أطيع أبي فلينظر العاقل إلى هذا الثقة الذي يروي البخاري ومسلم وأبو داود عنه وعن أبيه في صحاحهم فليتأمل فيما أخرجه أبو داود عن أبيه في سننه ومسلم في صحيحه قال أبو داود وقال عمر وبن العاص أن النبي (ص) قال
(١٩٥)