مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٤٨
فصل (باطن الأسماء الإلهية) واعلم أن لكل اسم من الأسماء الإلهية صورة باطنة في العالم تسمى الصورة العينية، ولكل اسم من الأسماء رب هي مربوبة له، والحقيقة المحمدية هي صورة الاسم الجامع الإلهي الذي منه استمرار جميع الأشياء. تلك الحقيقة هي التي ترب صور العالم بالرب الظاهر فيها وهو رب الأرباب لأنها هي الظاهرة في تلك المظاهر، فبصورتها الظاهرة التي هي مظهر الاسم الأعظم المتناسبة لصور العالم ترب العالم، وبباطنها ترب باطن العالم لأنه صاحب الاسم الأعظم وله الربوبية المطلقة.
فعلم بهذا الكشف التام من هو روح العالم وممن يستمد الحياة، ولذلك قال وقوله الحق: (خصصت بفاتحة الكتاب وخواتيم البقرة وأعطيت جوامع الكلم) (1)، وهي مصدرة بقوله: الحمد لله رب العالمين.
وهذا مجمع الأرواح والأجساد والعوالم. فعلم من هذا الكشف الظاهر أنه هو روح العالم لأن الروح الظاهر يسري في الصور كضوء الشمس في جسم الهواء. فمحمد صلى الله عليه وآله هو سر الوجود ظاهرا وباطنا، فسبحان من دل على ذاته بتجليه في صفاته.
فصل (نشوء الحروف من الألف) واعلم أن الكلام تناهى إلى الحروف، والحروف إلى النقطة، وهي الألف المفقود وينشأ عنه (28) حرفا كما مر وهي الصورة الإلهية القائمة بذات الله، وهي قسمان جلال وجمال، وحروف الجلال قسم واحد وهي الحروف النارية، وحروف الجمال ثلاثة أقسام وليس في الحروف حرف إلا وهو صادر عن الألف وهو شهادة الوجود والموجود بوحدانية الرب المعبود، وهي محيطة بكل شئ وهو بكل شئ محيط كما قيل:
ففي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد

(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى: ١ / ١٧٠ باب ٣ فصل ١ بتفاوت، والفضائل لابن شاذان: 5.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»